صحيفة الغارديان البريطانية
منذ أكثر من 10 سنوات وكل من مصر والسودان وإثيوبيا تتفاوض على مياه نهر النيل من دون تحقيق أي نجاح حول حل قضية سد النهضة الإثيوبي، وبينما تصاعد التوتر مؤخراً بعد تصريحات وصفت بـ”الاستفزازية” لمسؤول بالجيش الإثيوبي، تزعم إثيوبيا أن آمالها في التنمية وتوليد الطاقة معلقة على سد النهضة، في حين يشعر السودان بالقلق بشأن تدفق المياه إلى سدوده، وتخشى مصر من أن يؤثر ذلك على إمداداتها من مياه نهر النيل.
إن المقترح الإثيوبي بشأن الملء الثاني لسد النهضة الذي سيبدأ بعد هطل الأمطار الموسمية خطوة تعارضها كل من مصر والسودان وتطالبان باتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، الأمر الذي يعمق الخلاف الإقليمي بين الأطراف الثلاثة المتنازعة بشأن المشروع وخاصة بعد التصريحات الأخيرة الحادة من جانب الحكومة الإثيوبية والتي جاءت على لسان بوتا باتشاتا، مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية قائلاً: “نحن مستعدون لصد أي عدو يحاول تقويض سيادتنا، نحن جاهزون للدفاع”، وكان رد مصر أن أكد وزير خارجيتها سامح شكري أن بلاده لن تتهاون في الدفاع عن مصالح شعبها وانتقد التصريحات التي وصفها بـ “الاستفزازية”.
وفي هذا الصدد قال وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس: إن قرار إثيوبيا الفردي بملء سد النهضة “يعد تهديداً للأمن القومي” وأضاف: إن “مضي إثيوبيا قدماً في ملء خزان السد في تموز المقبل سيهدد حياة نصف سكان وسط السودان، فضلاً عن المساس بالزارعة وتوليد الكهرباء”.
لكن اللهجة الأعنف جاءت، ولأول مرة، على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قال: “نحن لا نهدد أحداً، ولكن لا يستطيع أي أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”.
وتابع: “التفاوض هو خيارنا الذي بدأنا به والعمل العدائي قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة لأن الشعوب لا تنسى ذلك.
بعض المحللين أبدى تشككاً كبيراً حيال انخراط مصر والسودان في مواجهة مباشرة مع إثيوبيا، فضلاً عن أنه لا توجد إمكانية عسكرية أو إستراتيجية تؤدي لسماح جيبوتي أو إريتريا باستخدام مصر لأراضيهما كقواعد عسكرية تنطلق منها عملياتها تجاه إثيوبيا من ناحية البحر الأحمر “فالقرار لدى الأولى مرتبط بشدة بالعلاقة مع الولايات المتحدة ودول الخليج، ولدى الثانية مرتبط بالقوى الغربية المتواجدة هناك، وأن النهج العسكري صعب للغاية وربما بعيد عن الحدوث لكنه يبقى في إطار المحتمل”.
ويرى محللون أن عودة الولايات المتحدة إلى الساحة في قضية سد النهضة بعد انتقال السلطة إلى الرئيس بايدن جاء بعد فترة فتور والآن تدفع الإدارة الحالية إلى إيجاد حل دبلوماسي في المنطقة “، وأن الضغط الأمريكي على الأطراف الثلاثة والتي تتمتع بعلاقات متميزة مع الولايات المتحدة، خاصة السودان التي عادت مؤخراً إلى الحاضنة الأمريكية كلها أمور قد تدفع الأطراف لإيجاد حل ما، هذا إلى جانب ما بدا أنه رفض أمريكي لحل المسألة عبر الحرب”.
فهل ذهاب الأطراف المتنازعة بشأن سد النهضة إلى مجلس الأمن يضع المسؤولية على المجتمع الدولي لإيجاد الحلول واتخاذ القرارات التي تؤدي إلى الحفاظ على السلم والأمن وعدم التصعيد؟