دراما قبل الحدث

أطرف ما يمكن مشاهدته في مسلسل هو تجسيد لمقولة «الدراما قبل الحدث» فهذا ما حققه مسلسل سوري تستعيده إحدى الفضائيات، لم تتسنّ لنا مشاهدته حين عرضه في الموسم الرمضاني، وقد فات على إنتاجه أكثر من عشر سنوات، نشاهد فيه صبية سافرت من مدينتها للقاء حبيبها الذي يدرس في دمشق، فتسببت بمشاجرة بين والدها ووالد حبيبها، نجم عنها وفاة الثاني, ويشير المسلسل إلى أن المسلسل الإذاعي «حكم العدالة» الشهير قد تناول القصة، من دون أي مراعاة لمسألة الزمن الذي يفترض أن ينقضي في إعداد القصة الحدث كدراما، ومن ثم تسجيلها من قبل ممثلين في الإذاعة ليتم بثّها يوم الثلاثاء، برغم أن الأب الذي مات رحل قبل يوم واحد فقط من موعد البرنامج، وفق ما تشير الأحداث؟!
2
يكتبون ما يتوهمونه نقداً لبعض أعمال الدراما التلفزيونية، بجملٍ تعبّر عما يحبونه أو يكرهونه، لكن من دون أن تحتوي على مضمون يحلّل العمل أو يذكر بعض السلبيات فيه، أو يسلط الضوء على ما فيه من نقاط متينة ومضيئة إبداعياً, وغالباً فيها كلام جارح، له علاقة بشكل هذه الممثلة أو الممثل، مع رفض وجودهما في هذا الدور أو ذاك، من دون إدراك منهم لضرورة الفصل بين شكل الممثل أو الممثلة وبين دوره، مع أن المخرج يكون قد أعطى تعليماته لتعزيز ملامح الممثلة أو الممثل، أو إعدادها على يد «الماكيير» لتناسب طبيعة الشخصية الموكلة إليهما, أي إنّ كلامهم يخرج عن الضوابط الأخلاقية عندما يقيّمون المرء من ملامحه الخارجية, أمّا أن نكره كمشاهدين هذه الممثلة أو الممثل في دورهما، فهي مسألة لصالحهما وليست ضدهما، لأن هذا يعني في أبجديات تقويم العمل أنهما أجادا في تجسيد الشخصية, فالتجريح والمديح شيء، والنقد شيء آخر.
3
ليس جديداً قولنا: إن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تعميم نماذج المتسلقين على الأدب، التي تتيح لهم النشر من دون رقيب, لكن ما يضاعف تلك المهزلة هو تعليقات الأصدقاء الذين، ومع الأسف منهم أدباء، ولهم كتب تشهد لهم بقدرات إبداعية جيدة، ويفترض أنهم يميزون بين صفّ الكلام من دون معرفة معناه، وبين من يجيد كتابة نص أدبي يستحق القراءة والتثمين, فخطورة هذه المسألة تكاد تشبه من يشجع المنحرفين على ارتكاب الجرائم!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار