مصائد الموت ..!
قليلة هي الأيام التي تمضي من دون سماع خبر عن وفاة شخص بحادث سير أو غرقاً في قناة ري أو في ساقية نهر أو داخل البحر أو دهساً على سكة قطار أو بفيروس كورونا..إلخ، وكأن الموت سكن بيننا يطارد أحباءنا ليلاً و نهاراً ويحصد منهم الأغلى والأكثر نشاطاً وإقبالاً على الحياة في غفلة منّا.
في جميع حالات الوفيات يكون الحق على المتوفى – حسب نص الخبر – مع أن معظمها يرجع إلى تقصير واضح من قبل جهة عامة أو خاصة ونقص في الدراسات والخطط التي رسمت وأعدت قبل تنفيذ المشروع الذي أصبح لاحقاً – بعد التنفيذ ودخوله في الخدمة – مصيدة للأطفال والرجال والنساء تخطف الأرواح وتعطب الأجساد وتيتّم الصغار وتقضي على معيل عائلة لا حول ولا معين لها غيره، وبرغم ذلك لا تبادر الجهة المنفذة أو التي استلمت المشروع وتديره إلى استدراك هذا الخطأ الإنشائي والتنفيذي من أجل وقف مسلسل الموت بسببه.
عشرات الأطفال والشباب والكبار ماتوا غرقاً في أقنية الري في جميع المحافظات والعدد إلى ازدياد مادام المسبب مازال يتصيدهم من دون أن نبدع حلاً أو حتى مقترحاً لتغيير طريقة إنشاء قنوات الري في المشروعات القادمة، والأمر ذاته ينطبق على معظم الاوتسترادات وسكك القطارات وأيضاً جائحة كورونا التي يعرف الجميع أن تطبيق الإجراءات الاحترازية للتصدي للفيروس يساوي صفراً في أماكن الازدحام، فلماذا كل هذا الاستهتار بحيوات الناس ..؟.
إلقاء اللوم على المتوفى أسهل إجراء يمكن أن يصدر عن أي شخص غير مبال أو جهة معنية غير مدركة حجم الكارثة، لكن عندما يكون الصمت يلف أغلبية الناس والجهات الرسمية والأهلية فهذه حالة غير مطمئنة وتدل على ظاهرة لا مبالاة عامة لم نعتد عليها في أمور كانت تحدث ومشابهة لما نتحدث عنه أو ربما أقل وطأة على المجتمع وأضيق تأثيراً على أفراده.
صحيح أن قنوات الري ليست للسباحة لكن إنشاءها بهذا الشكل يؤدي لوقوع عشرات الوفيات.. أفليس من الأجدى أن نصمم شكلاً آخر لها أقل خطورة وتكون شروط السلامة والأمان أولوية عند التصميم والتنفيذ؟.
والأمر ذاته ينطبق على مشروعات الطرق والأوتسترادات وسكك القطارات التي يجب على المهندس السوري أن يجد حلاً سريعاً لحوادث الموت التي تتالى عليها، ولا أعتقد أن هذا الحل خافياً عليه فيما لو توفرت له الإمكانات وأتيح له المجال والظروف المناسبة لإخراج هذا الحل إلى أرض الواقع، وإلى أن يتحقق ذلك الحل يبقى عداد الموت أسرع من أي معالجة آنية ..!.