«كُلّهم أبناء حلب»

«كُلّهم أبناء حلب» يقولها شادي جميل في التعريف عن صنّاع أغنيته الجديدة، ولأنهم يُعرفون بـ «السمّيعة» يُشاركه جمهور قلعة حلب التباهي بكلماتٍ وألحانٍ تنتمي إلى إرثهم من القدود والموشحات والغناء الأصيل، والتي شكّلت مجتمعةً هويةً انفردت بها «عاصمة الطرب العربي» يوم نافست القاهرة في شهرتها الفنيّة، فهي لم تكن ولّادة للمواهب فحسب بل اختباراً لأي موسيقي عازفاً أم مؤدٍياً، حتى عبد الوهاب نفسه، كان عليه أن ينال رضا السمّيعة ويحظى بموافقتهم ومباركتهم.
ومع إن مجموعة السمّيعة كأشخاص وتقليد لم تعد موجودة فعليّاً، لكن عدداً جيداً من أبناء المحافظة حافظوا على قيمتها وأخلصوا لجدواها، حرصاً على منتج غنائي حلبي وَفي يتكئ عليه محليّاً وعربيّاً، بمعنى آخر؛ أغنية تُشبهنا بمفرداتها وجملتها الموسيقية وتوزيعها، حلبيّة سوريّة المعنى والروح، يصح أن نعود إليها ونبحث في امتدادها وجمالياتها ومرثياتها.
الحديث عن أغنية سوريّة في كل مكوناتها ليس تقليلاً من شأن ما قدمه فنانون سوريون مع شراكات لبنانية وعراقية ومصرية وخليجية، نجح في معظمه ووصل إلى الملايين، لكن وبموازاة هذه النجاحات كانت صناعة الأغنية المحليّة تتراجع، لا مؤسسات ترعاها ولا فنانون يعدونها همّاً، مجرد تجارب ومحاولات شخصية: كاتبٌ وملحن ومغنٍ يجتمعون ويقدمون عملاً ما، سرعان ما يفقدون الرغبة والهمّة.
في النتيجة انكفأت أسماء وغابت أخرى، وفضّل البعض التعاون مع فنانين من خارج سورية، وحين أراد البعض تحريك المشهد الراكد، عادوا إلى التراث بلا منهجية أو وعي حقيقيين، ربما نفد رصيدنا من الجديد والمُجددين أو فقدنا الثقة بمنتج إبداعي محلي، لا يوجد من يدعمه أصلاً، ومع توقف مهرجان الأغنية السورية منذ أعوام، للمصادفة كانت تستضيفه حلب أيضاً، فقد فنانون على اختلاف مسمياتهم «مبتدئون، أكاديميون، هواة، محبون للموسيقا» فقدوا فرصة للظهور وإثبات المقدرة، ليبقى التسويق مطباً هو الأكبر في طريق أغنيتنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار