ثلاثة أعوام مضت على قيام الجيش العربي السوري بتحرير معظم ريف الرقة من إرهاب “داعش” عادت الحياة للمناطق المحررة إلى وضعها الطبيعي.
المشهد داخل ريف الرقة المحرر يبدو في طريقه إلى حالة الاستقرار التام، خصوصاً مع عودة الأهالي بشكل ملحوظ وتوفر العديد من الخدمات، فالأهالي في هذا الريف يعشقون الحياة بشكل لا يوصف، حيث جعلوا من ذلك الخراب الكبير الذي تعرض له على أيدي “داعش” الإرهابي منطلقاً للبدء بإعماره وضخ الحياة من جديد فيه، بعد أن هجره أهله بسبب الإرهاب إلى المخيمات في محافظات ومدن قريبة، واليوم عادوا بروح التحدي والإصرار على انطلاقة جديدة لحياة ثانية، بعد أن حاول التنظيم الإرهابي قتل كل شيء جميل في هذه المدينة وريفها .
يقول محافظ الرقة عبد الرزاق خليفة في تصريح خاص لــ ( تشرين ): يمثل “تحرير ريف الرقة من قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي انتصاراً كبيراً لكل الإنسانية في العالم، وهو فرحة كبرى وعقبى الفرحة النهائية عندما نحرر كامل الأراضي السورية من دنس الإرهاب وعملائه “.
وأضاف، إن “أهالي الرقة رجال شجعان ويحبون الحياة، لذلك بدؤوا فور عودتهم إلى منازلهم رغم الخراب الذي أصابها أو الأماكن التي تحيط بها، بممارسة الحياة بكل قوة وشجاعة، وهذه الممارسة تعطي أملاً كبيراً لكل أبناء المدن السورية المحررة من الإرهاب الذين يترددون في العودة إليها ثانيةً، بأن يسرعوا في العودة لهذه المدينة وذاك الريف ومشاركة الأهالي في إعادة الإعمار مرة أخرى”.
وأشار خليفة إلى أن مساحة ريف الرقة المحرر تبلغ 6000 كم مربع وهي عبارة عن ثلاث مدن وبلدة وجزء من بلدتي المنصورة والرصافة وأن عدد سكان هذه المناطق 150 ألف نسمة.
وقال: تبلغ نسبة عدد السكان العائدين إلى المناطق المحررة حالياً أكثر من 80% ويعمل أغلبهم بالزراعة وتم توفير كافة المستلزمات اللازمة للعملية الزراعية وتقديم الإعانات والسلل الغذائية وتوفير أغلب مناحي سبل العيش من المواد التموينية والمحروقات وإعادة تشغيل الأفران وتزويدها بالكميات اللازمة من الطحين والخميرة.
وفيما يتعلق بالواقع الكهربائي أشار المحافظ إلى أنه تم تشغيل محطة البوحمد لتغذية الريف الشرقي المحرر بالكهرباء وما زال هناك نقص 30% من المحولات الكهربائية اللازمة لتغطية الريف الشرقي المحرر أما بالنسبة للريف الغربي فلم يتم حتى تاريخه إيصال مصدر تغذية للتيار الكهربائي له بانتظار تزويد ريف حلب الشرقي، ( مسكنة ) حتى يتم تزويد ريف الرقة الغربي المحرر .
وعن واقع المياه أشار خليفة إلى أن عناصر ورشات مؤسسة المياه تقوم بمتابعة تشغيل محطات ضخ مياه الشرب وكذلك شبكات المياه المغذية للتجمعات السكنية بشكل يومي وقد تمت معالجة الكثير من الاختناقات وضعف المياه لبعض التجمعات السكنية خلال العام الماضي بالاعتماد على ورشات المؤسسة وأهم المشاريع التي تم تنفيذها خلال العام المنصرم : (استكمال خط ضخ مياه السبخة ووضعه بالخدمة ) و( إعادة تأهيل محطة ضخ مياه وقفة بالدبسي) و ( إعادة تأهيل محطة ضخ رفع معدان).
ولفت أنه ومن خلال تنفيذ هذه المشاريع أصبح واقع مياه الشرب جيداً وحالياً تمت المباشرة ببعض المشاريع الواردة في خطة مؤسسة المياه العام 2021 منها تنفيذ خط ضخ بطول 1200 م لتغذية قرى شنان الرحبي، أما المشاريع الواردة في خطة المؤسسة والتي من المتوقع المباشرة بها خلال شهرين اعتباراً من هذا التاريخ وتتضمن، ( استبدال خط ضخ مياه الغانم العلي) و(استبدال خط ضخ مياه البوحمد) و(استبدال خط ضخ مياه قرية الزويه ) و(إعادة تأهيل محطة ضخ الكدرو في منطقة الدبسي), و( تركيب مجموعة ضخ ومحولة في محطة مياه الغانم العلي)، و( إعادة تأهيل محطتي ضخ / الخامية والنقية / في منطقة الدبسي) . مشيراً إلى أن هناك صعوبات يعاني منها واقع المياه في ريف الرقة , ومنها (عدم وجود تغذية كهربائية لمنطقة الدبسي, ما يؤثر سلباً على عدد ساعات تشغيل محطات مياه الشرب)، و( انخفاض منسوب المياه في بحيرة الأسد بسبب سطو النظام التركي على مياه نهر الفرات عبر حجز معظم كمية المياه التي من المفترض جريانها في النهر داخل الأراضي السورية ، ما ينذر بخطورة خروج محطات مياه الشرب عن الخدمة في منطقة الدبسي بسبب انحسار المياه في البحيرة والاستثمار الجائر وغير المنتظم من قبل ميليشيات ( قسد ).
فيما يتعلق بالقطاع الصحي قال خليفة : تم اتخاذ التدابير اللازمة من قبل الكادر الطبي متضمناً وسائل الحماية الفردية ( كمامات وقفازات ) والالتزام بالتعقيم والنظافة بتوجيه ودعم مركزي مع جهود توعية تضمنت إقامة ورشات عمل في حالات الاشتباه أو الإصابة .
وأشار إلى أن لدى مديرية صحة الرقة فريق تدخل وإبلاغ ومتابعة ميدانية ومديرية صحة الرقة مرتبطة على شبكة الانترنت مع كل المحافظات والمعابر الحدودية, حيث يتم ضبط أي حالة حتى القادمة من المحافظة الأخرى، وإذا كان القادم جثمان متوفى بسبب الكورونا هنا يتم تقصي المخالطين والالتزام بالعزل الصحي إن استدعت الحالة . وفي حالة الشك يتم أخذ مسحات وإرسالها للفحص في دمشق وفي حالات الإصابة والحاجة إلى استشفاء تحال إلى مشافي ديرالزور وحلب .
علماً أن عناصر الفريق تم انتقاؤهم من كل مركز صحي حيث يكون هناك تغطية شاملة لجغرافيا الريف المحرر، وقد تم إنشاء فريق طبي آخر متكامل تم تدريبه في دمشق ويضم خمسة أطباء ومسؤولي ترصد وتواصل ولقاح، وعاد الفريق لتدريب بقية الكوادر, وأقام عدة ورشات عمل تضمنت كل ما يتعلق بالتعاطي مع فيروس “كوفيد 19” والتحضير لخطة استقبال اللقاح وإعطائه .
وعن الواقع الزراعي قال محافظ الرقة، بعد تحرير المنطقة في نهاية عام 2017 تم استنفار كافة الجهود لإعادة تأهيل محطات الضخ الزراعي ومشاريع الري الحكومي في الريفين الغربي والشرقي وتم الانتهاء من تأهيل هذه المشاريع خلال عام 2018 لتعود عجلة الحياة إلى كافة المساحات الزراعية البالغة 22 ألف هكتار وفي هذا العام تم زراعة 17200 هكتار بالقمح بعد توفير كافة مستلزمات العملية الزراعية ويبشر هذا العام بموسم زراعي جيد .
ويذكر أن أهم الزراعات في الريف المحرر هي القمح، القطن، الذرة الصفراء، السمسم، فول الصويا، البطيخ البذري وكافة أنواع الخضراوات الموسمية .
وعن المؤسسات الحكومية العاملة في ريف الرقة المحرر يقول خليفة : تم تفعيل كافة الدوائر الحكومية ضمن الريف المحرر وهي تمارس عملها على أكمل وجه ما عدا الدوائر المالية والمصارف والنقل، بسبب عدم توفر البنية التحتية اللازمة لعملها والتي يجري حالياً توفيرها .
وفيما يتعلق بالواقع التعليمي قال : تم إحداث مبنى لمديرية تربية الرقة في الريف المحرر ( السبخة ) ويتبع لها ثلاثة مجمعات تربوية ( السبخة، دبسي عنان، معدان ) ومدرستان في بادية المنصورة يدرس فيها منهاج وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية وأن عدد المدارس التي تم تفعيلها في ريف الرقة المحرر الشرقي والغربي 115 مدرسة بالإضافة إلى افتتاح 14 شعبة رياض أطفال ومعظم هذه المدارس تم تأهيلها من قبل ( لجنة إعادة الإعمار والمنظمات ) وقدر عدد الطلاب والتلاميذ الملتحقين بمدارسهم 30 ألف طالب وتلميذ, وأن جميع الناجحين في مسابقة وزارة التربية الفئة الأولى ( عقود) وتثبيت الوكلاء في ريف الرقة المحرر قد باشروا عملهم وفق الأنظمة والقوانين النافذة . لافتاً إلى أن العملية التربوية التعليمية في مديرية تربية الرقة تسير بشكل جيد وأن امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة لدورة 2021 تتم وفق ما هو مخطط لها وبنجاح، وأشار أنه تم تأهيل الكادر التدريبي والتوجيهي من خلال دورات تدريب المثقفين الصحيين المكلفين بالمدارس عن طريق الوقاية من فيروس كورونا المستجد.
ولفت إلى مشاركة المجتمع المحلي في حملات النظافة وزراعة الأشجار كما أقيمت حملات ترشيدية توعوية للوقاية من فايروس كورونا وكانت الاستجابة للإجراءات الاحترازية جيدة حيث تم اتخاذ تدابير من قبل المحافظة لمنع الازدحام من خلال توزيع الخبز عبر معتمدين وتوزيع المواد الغذائية المدعومة عبر “السورية للتجارة” كذلك للحد من الازدحام .
وعن الصعوبات التي تواجه ريف الرقة المحرر قال خليفة : عدم توفر الكهرباء بشكل كامل بالريف وبشكل جزئي بالريف الشرقي, ما يؤدي إلى التقنين في مياه الشرب بسبب الاعتماد على محركات الديزل، وأن الريف المحرر يحتاج إلى مستودع أدوية.. ومطحنة ومجفف ذرة صفراء .. ووحدة متنقلة لتعبئة اسطوانات الغاز المنزلي.