في “رباعي” مركز الفنون البصرية تجارب أوليّة قابلة للتأويل
رغم أن العنوان المُختار لمعرضهم المُقام حالياً في المركز الوطني للفنون البصرية ينحاز للعدد “رباعي نتاج ورشات سابقة” على حساب فرادة يمكن التقاطها لدى كلٍ منهم لكنه في الوقت نفسه يُحيل المتفرج إلى المُشترك العام في تجارب الفنانين الأربعة، أي في النزوع نحو إثبات المقدرة بدايةً، وما يُمكن أن تؤول إليه مع الزمن فكرةً كانت أم شعوراً، وإن بدا تركيز سليمان القوصي وحسام سرغايه على شخصية محددة، في حين اهتمت سمر داود برمزية بسيطة، مقابل تجريد كامل في أعمال إميل عفلق، في معرض أتاح لكل منهم عرض حوالي ثماني لوحات، سبقته عدة ورشات ونقاشات.
الفنان سليمان القوصي وصف تجربته بالمستمرة متكئاً على شخوصه الساخرة، بدءاً من تفاصيلها المُشوهة وانتهاءً بتعاطيها الهزلي مع أكثر المواقف جدية وحسماً في الحياة، لذلك تخلى عن الشكل الطبيعي للجسد وراح يتلاعب بملامحه وأبعاده، فأفرد له مساحات واسعة من الرمادي المُبهم تماماً كما تبدو أيامنا على حد وصفه.
بدورها أولت الفنانة سمر داود اهتماماً كبيراً للتكنيك في سطح اللوحة مستخدمة التراب مع الجص والرمل والإكريليك، للتركيز على ما نشعر به من هزات وضربات في دواخلنا بموازاة تحولنا إلى أرقام وبيانات يرد ذكرها من دون اهتمام حقيقي بما ينضوي وراء كلٍّ منها.
وتحت عنوان “وجهة أثر” أراد الفنان إميل عفلق الإشارة إلى كثرة وجهات النظر المجانية والفارغة من أي معنى حقيقي على عكس ما يمكن للإنسان منا أن يتركه من أثر في نفوس الآخرين بعفويته وتلقائيته أو كما يقول عنه « أثرنا هو محاولة لإيجاد شكل جديد لواقعنا أكثر صدقاً وحميمية».
بدأت تجربة حسام سرغايه مع محاولاته رسم وجهه بشكل واقعي إلى أن اختفت ملامحه الخاصة ليصبح شبيهاً بالجميع من حوله. يقول «حاولت مجدداً أن أجد نفسي أو ما يميزني عن غيري، فقمت بتحوير الشخوص التي رسمتها لتظهر مع فتحة كبيرة في الرأس بلا أي تحديد للجمجمة إضافة إلى كتلتي شعر، كتلتي عين، شاربين، أذنين». في النهاية أصبحت هذه شخصيته أو هويته الظاهرة في اللوحات، وإن كانت لا تخصه وحده لأن صفاتها “المُبهمة” لا تتعلق به وبما يعيشه من تجارب فحسب بل بما عايشه وسيعيشه بشر آخرون أيضاً.
تصوير- طارق الحسنية