صحوة أوروبية بعد تدمير غزة

يبدو أن اختلال الموازين والكيل بمكيالين والحول وعمى الألوان والتوقف عن الكذب والتضليل عند المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين هو مرض خطر لا يمكن شفاؤه بتناول الأدوية والعقاقير التي يمكن أن تنتجها أعظم المختبرات العلمية، لكن إمكانية الشفاء التلقائي قد تتحقق بعد سنوات من مغادرة المنصب وعندها تصبح مواقف هؤلاء وشفاؤهم من تلك الأمراض التي تترك الويلات على شعوب العالم مجرد صرخة في واد ومحاولة لإرضاء ضمير يستقيظ على حين غرة بعد التدمير والقتل ..

في هذا السياق تأتي رسالة وقعها عدد كبير من رؤساء وزراء ووزراء ومسؤولين أوروبيين سابقين لضرورة التحقيق ومعاقبة “إسرائيل” على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها ضد قطاع غزة في العدوان الأخير مع تقديم الدعم لمحكمة الجنايات الدولية لمعاقبة الجناة.

إن “إسرائيل” وعبر سبعة عقود من الزمن لم تتوقف يوماً عن ارتكاب المجازر وعن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق العرب في فلسطين وسورية ولبنان ومصر والأردن، وكان هؤلاء المسؤولين الغربيين السابقين شهود زور على رأس المسؤولية بل كانوا يقدمون كل ما يحتاجه مجرمو الحرب في الكيان الإسرائيلي لكي يتمادى في تلك الجرائم، بل كان بعضهم يزور “إسرائيل” بعد كل عدوان وبعد كل انتهاك للقانون الدولي أو الإنساني ويفعلون ما فعله وزير الخارجية الأمريكي بلنيكن عندما زار كيان الاحتلال وطمئن المجرمين الصهاينة الذين قتلوا وجرحوا وشردوا آلاف الغزاويين ودمروا عشرات الأبراج السكنية وآلاف الوحدات السكنية في عدوانهم الأخير ، ووعدهم بمزيد من الدعم بحجة تعزيز قدرات “إسرائيل” لحماية أمنها، مع أن “إسرائيل” هي التي تعتدي وتهدد أمن الجميع، ومن يدري، فقد يأتي يوم ويعترف بلنيكن بجرائم “إسرائيل” وبأكاذيبه وأكاذيب إدارته كما فعل كولن باول الذي اعترف بعد مغادرته لمنصبه بأنه كان يكذب وأنه كان يعرف بأنه يكذب عندما شرح وبالأدلة الملفقة أمام مجلس الأمن بأن العراق كان يملك أسلحة دمار شامل لتسويغ غزو العراق واحتلاله وتدميره.

إن مشكلات العالم والتلاعب بمصير الشعوب والكيل بمكيالين وعدم صحوة ضمير المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين إلا بعد فوات الأوان ليس ظاهرة مرفوضة فقط وإنما هي ظاهرة باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين مع الإشارة إلى أن من يسعى لتدمير ومدن وبلدات الشعوب الآمنة لن يسلم من العقاب ولو بعد حين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار