محكومون بالأمل وبالعمل

من دون أدنى شك يمكن الجزم بأن أحد الأسباب البعيدة للحرب على سورية إنما يكمن في سعي الأطراف، تلك التي كانت تدير الدفة لا تلك التي تمثل أدوات للاستخدام، إلى زرع اليأس في الذات الجماعية السورية كمقدمة لا بديل عنها لحدوث التدمير الذري لهيولى جنين النهوض النامي في الرحم السورية مرة واحدة وإلى الأبد.

كانت الرؤية الغربية عشية التفكير بقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين تقوم على نظرية التفتيت البعيد المدى لدول المنطقة، وهو ما ظهر بوضوح عبر النظرية التي طرحها المفكر الصهيوني زئيف جابوتنسكي الذي كان مقرباً من غرف صناعة القرار الأمريكي في عشرينيات القرن الماضي، هذه الرؤية كانت ثابتة على الدوام من حيث الهدف، وإن كانت الأدوات غالباً ما تتخذ وضعية متلونة تبعاً للمتغيرات الحاصلة في النسج المجتمعية العربية، ولربما كان أبرز المنابر التي يمكن قراءة تلك المتغيرات من خلالها هو منبر “مؤتمر هرتسليا” الذي يعتبر أهم المؤتمرات الإستراتيجية لكيان الاحتلال، ففي دورته التي عقدها في حزيران 2014، أي في ذروة الهجمة الشرسة على سورية، كانت الوثيقة المقدمة لذلك المؤتمر تقوم على ركائز أهمها تسويق المنع والإحباط في المحيط، وإقامة تحالفات إقليمية من شأنها أن تؤدي لتقليص الأضرار الواقعة على كيان الاحتلال، ناهيك عن وجود عناصر تقليدية أخرى من نوع تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة.

من المؤكد الآن وفق هذه المعطيات أن الإستراتيجية الأنجع للوقوف بوجه تلك المشاريع يجب أن تقوم على إحياء الثقة بالنفس، واستنهاض ماضي الأمة بكل موروثه القادر على منح الأجيال الراهنة، وتلك اللاحقة، روح النهوض واستعادة زمام المبادرة من جديد.

والمحاولة إذ تبدو قائمة، يمكن القول إن الانتخابات التي تمارسها الدول في الظروف القاهرة التي تمر بها ليست فعلاً من أفعال السيادة فحسب، وإنما يمكن اعتبارها أيضاً فعلاً من أفعال الحفاظ على الذات والثبات بوجه الأعاصير.

على أعتاب انتخاباتنا الرئاسية نقول إننا اليوم على مشارف مرحلة مصيرية، وجولة هي الأهم في ممارسة الفعلين اللذين سيرسمان ملامح سورية الغد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار