الإعلان كفيلم!!

صحيحٌ؛ إنّ الإعلان غايته الترويج لبضاعة، أو مُنتج ما، غير أنّ الأكيد أيضاً؛ أنّ الإعلان هو مادة فنية تماماً، وإذا ما كان الإعلان مادة بصرية، وأقصد هنا (الإعلان التلفزيوني) على وجه الخصوص، فإن شروط المادة الدرامية تنطبق عليه تماماً، وهنا يتماثلُ الإعلان التجاري مع شروط الفيلم القصير، بل إذا ما وصفّنا الإعلان التجاري؛ فهو بكل تأكيد (فيلم قصير)، ويجب أن يتضمن ملامح دراما الفيلم القصير من جماليات مُختلفة..
ورغم كل هذا الإنجاز الدرامي التلفزيوني في سورية الذي وضعها في المرتبة الأولى في العالم العربي على صعيد الإنتاج الدرامي، هذا الإنجاز ورغم كل الملاحظات على الكثير من غاياته؛ فإنّ (دراما الإعلان) بقيت متخلفة وبعيدة عن ركبه، واليوم فإن أخذ عينة من الإعلانات التي تقتحم المسلسلات التلفزيونية؛ سنصل إلى نتيجة مُخيبة تؤكد: إننا في سورية مانزال نحبوا في مجال فن الإعلان، ببساطة لأنّ لا معيار جمالياً يتوفر فيما يُعرض من إعلانات، مع كل الإمكانيات المتوفرة لإنتاج الإعلان وعلى مختلف الصعد ..
وهنا نُشير إلى مخرج سوري شاب، جاء منذ فترة ورمى حجراً قوية في مياه البرك الإعلانية الراكدة، وأقصد المخرج السُدير مسعود، من خلال تجربة قصيرة مع فن الإعلان، اشترك في بطولة أحدها الفنان أيمن زيدان، وحقق تماماً مادة إعلانية تروجية لبضاعة مُعينة، والتي هي غاية الإعلان التجارية، كما أنه حقق دراما جمالية عالية، وهي ليست تجربة وحيدة، بل كان قد سبقها بإعلان اشترك فيه ممثلون مغمورون، حتى لا نقول إن الإعلان الأول نجح بسبب مشاركة فنان نجم، وإنما أيضاً يُمكن أن ينجح إذا ما توفر النص الجيد، والمخرج القدير لإظهار هذا النص بالشكل البصري الذي يليق به، وذلك عندما اشتغل السُدير على مُقاربة مع أفلام عالمية، للترويج لبضاعة كانت رائجة ذات حين، وثمة عودة إليها..
المُفارقة؛ إن الدراما التلفزيونية في دولة مُجاورة – لبنان- والتي عملت المستحيل للحاق بالدراما السورية، بحيث لا يُمكن الحديث عن (دراما) في لبنان، دون ذكر (دراما) سورية، باعتبار أنّ الأخيرة هي من نهضت بها، وأدخلتها إلى سوق الفضائيات في العالم العربي، لاسيما من خلال ما صار يُعرف في سوق الدراما ب(البان آراب)، سواء بمشاركة نجوم الدراما السورية، من ممثلين، أو مخرجين، أو حتى كُتّاب سيناريو.. في الدراما اللبنانية هذه، فإن (فن الإعلان) يبدو متفوقاً وبأشواط على (فن الإعلان) في سورية، رغم ما قد أسلفنا به الحديث، من توفر العناصر الكاملة لإنتاج فن إعلاني سوري مُتميز: من كُتّاب، مخرجين، وممثلين..
الإعلان السوري يبدو اليوم إنه يُحقق الغاية المُعاكسة تماماً، وهو النفور من كل المادة الإعلانية التي تأتي على المُشاهد كمن يرميك بحجرٍ من الخلف!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار