لم تمضِ مناسبة بعد صدور القانون رقم 8 الخاص بحماية المستهلك، إلا وأعلن فيها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن استعداد – بل، وتصميم الوزارة على تطبيق بنود هذا القانون كاملة، حفاظاً على المستهلكين والتجار معاً. وقد تمّ التصريح أكثر من مرة أن القانون ليس حماية للمستهلك فقط، بل هو لحماية التاجر من نفسه.
ولهذه الأسباب اجتمع الوزير مع التجار في غرفهم، في حلب وحمص ودمشق.. وحسب ما تواتر من أخبار فإن الوزير هدد، وتوعد، خاصة للمخالفات (الجسيمة) التي تكون عقوبتها، الإغلاق، أو السجن.. وتقول الأخبار أيضاً: إن التجار امتعضوا..
منذ أيام أعلنت الوزارة أنها سوف تستعيض عن عقوبة الإغلاق، بغرامات مرتفعة، ولأن خزينة الدولة هي أحق بالأموال، وأن إغلاق أي محل تجاري قد يشكل (كركبة) للجوار من المستهلكين، فلا بأس أن تخرق الوزارة القانون رقم 8 طالما أنه يحافظ على استمرار العملية الاقتصادية، ويحقق وارداً مالياً للخزينة… لكن ما يُخشى منه أن يكون هذا الأمر هو بداية لخرق القانون من جديد والتفافاً عليه بحجة حاجة الخزينة إلى موارد إضافية.. علماً بأن هذه الفقرة تحديداً تحدد عقوبة الإغلاق والغرامة معاً، ولا نعتقد أن الغرامة هنا هي مبالغ قليلة، بل تتماهى مع (جسامة) المخالفة. لذلك فإن الحديث عن غرامات مرتفعة قد تكون بداية لخرق القانون مرة أخرى والاستغناء عن عقوبة السجن، وبالتالي تفريغ القانون من محتواه وتسجيل الغلبة (لامتعاض) التجار.. هذا الأمر يحزننا لناحية أن كل (الشقاء) الذي مارسته الوزارة وكوادرها في المحافظات ذهب مع الريح..
صحيح أننا قد نسمع عن تهاون هنا، واستغلال هناك، لكن منذ تطبيق القانون رقم 8 اختلف الكثير من الأشياء في تعامل التجار مع المستهلكين، مثل الإعلان عن الأسعار والخوف من الشكوى.. لكننا كمستهلكين لم نطلب الفواتير لأنها ليست من اختصاصنا من جهة، ولخوفنا على التهاون في تطبيق القانون 8 بعدما بات التجار يلتفتون، ويسعرون ولو بالهمس !!