الإعانات والمنح الإغاثية التي كانت توزع على شريحة واسعة من المواطنين المحتاجين كانت تحل مشكلة مؤقتة وإسعافية ولكنها لا تؤسس لإنتاج كما ذكرنا في زاوية أخرى, وهذه المنح كانت تعدّها بعض الدول التي مرت في ظروف مشابهة لما مرت به سورية من حرب وحصار جائر، فخاً لإحباط الهمم وتعليم شريحة واسعة جداً من المواطنين على الاستهلاك والكسل, وتبقى مهمتهم فقط انتظار السلة الغذائية التي كانوا يحصلون عليها كل فترة على أبواب الجمعيات الخيرية أو المنظمات المانحة.
كثير من الدول عانت أكثر مما عانت منه سورية من حروب وحصارات ومؤامرات ولكنها استطاعت أن تتجاوز كل هذه الظروف في بضع سنوات, وتصل إلى مصافّ الدول المنتجة عالمياً, ولا يتسع المجال لضرب الأمثلة الكثيرة هنا كفيتنام والدول الأسيوية وغيرها.. والسؤال كيف فعلت هذه الدول ذلك؟..الجواب من خلال الاعتماد على الذات والإنتاج ابتداءً من المشاريع المتناهية الصغر ثم إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والعملاقة وهكذا… وتبدأ المشاريع الصغيرة من مكنة الخياطة أو تربية بقرة أو بضعة خراف أو بيت بلاستيكي صغير… إلخ بذلك فقط يمكن الخروج من الاعتماد على السلل الغذائية والمنح التي تعلم الكسل والفشل. يقول مثل صيني: «علمني الصيد ولا تعطني سمكة», المساعدات الإنسانية مقبولة في مرحلة معينة كالكوارث الطارئة البراكين والزلازل الأعاصير الطارئة, ولكن سرعان ما تنتهي هذه المساعدات لتعود الشعوب في بناء اقتصادها وذاتها..والمساعدات التي تقدم لشريحة من المواطنين لابدّ أن تنتهي في مرحلة ما ويعود هؤلاء المواطنون إلى الانخراط في عملية الإنتاج, والسوريون مبدعون وخلاقون على مستوى العديد من الصناعات والزراعة والسياحة فمنتجاتهم الحرفية اقتحمت الكثير من دول العالم, وكذلك على المستوى المهني والصناعي والزراعي..ونعود لنقول إن السلل الغذائية لا تبني وطناً..ودمتم.