هذه العبارة الواردة أعلاه أشار إليها الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه بالجالية التونسية المقيمة في مصر التي زارها مؤخراً، ثم أتبعها بقوله أنه “سيتحمل مسؤوليته لإيجاد حل دائم رغم المناورات والمؤامرات التي فاقمت مظاهر البؤس والفقر”.
كما كان الرئيس سعيد واضحاً في كلمة له بمناسبة حلول شهر رمضان في ذهابه نحو مراميه التي قصدها بشكل واضح وصريح، وفيها، أي في الكلمة، اختار أن يسمي “الداء” باسمه عبر الهجوم الذي شنه على ممثلي “الإسلام السياسي” الذين توجه إليهم بشكل مباشر قائلاً: “إن الله توجه إلى المسلمين والمؤمنين وليس إلى الإسلاميين، وحفظنا الله في هذا الشهر من الوباء الذي اجتاح العالم، ومن الأوبئة السياسية”.
وقد كان من الطبيعي أن تثير هذه العبارة الأخيرة حفيظة من بجلده “شوكة”، فالسياق الذي جاءت فيه من شأنه أن يزيل أي لبس حول من قصدهم الرئيس سعيد، لكنها، أي العبارة، أثارت أيضاً تكهنات حول الإستراتيجية التي سينتهجها مع هؤلاء الذين يمثلون عقبة كأداء أمام مشروعه الذي يمكن القول إنه من خلاله يسعى للعودة بتونس إلى ما قبل العام 2010، حيث ما جرى بعد هذا التاريخ الأخير كان أشبه بفعل السكين التي راحت تمعن في طعناتها الموجهة للنسيجين المجتمعي والثقافي التونسيين، والمؤكد أن “حركة النهضة” كانت قد لعبت دور رأس الحربة في ذلك الفعل التي كانت فيه أميل إلى تبني “المشروع التركي الإخواني” الماضي في تهشيم البنى والركائز التي قامت عليها المجتمعات العربية، وهو ما ظهر جلياً عبر العديد من المواقف والتصريحات التي أطلقها زعيمها راشد الغنوشي.
لربما قرأت “حركة النهضة” كلمة الرئيس سعيد، على أنها محاولة تونسية لاستنساخ السيناريو المصري الذي جرى في تموز من العام 2013، عندما استطاعت حركة جماهيرية عارمة إسقاط حكم الإخوان المسلمين، والقراءة تعززت لديها بأن ما قاله الرئيس التونسي كان قد جاء في أعقاب عودته مباشرة من مصر.
من المنتظر أن يزداد المشهد السياسي التونسي سخونة في الأسابيع القليلة المقبلة، لكن الرئيس سعيد يمتلك من الأدوات ما يجعله قادراً على إدارة دفة السفينة لإيصالها إلى بر الأمان.