يمكننا اعتبار الأسبوع الماضي، الأسبوع الفاضح للسياسة الفرنسية ودورها التخريبي في عدد من دول العالم.. ما يفضح بالتالي الدور الغربي الأميركي؛ حيث إن فرنسا العضو البارز في حلف الأطلسي تعبر عنه وتكشف سياساته وخططه وجرائمه تجاه العالم.
وإذا كان الاعتراف سيد الأدلة، فهذا ما فعله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء استقباله لوفد الحكومة الليبية الجديدة، حيث قال لهم مقراً بذنب بلاده بشكل واضح: (إننا ندين لكم وللشعب الليبي بعقد من الفوضى في بلادكم)، ويبدو أن ماكرون ذهب أبعد من الاعتراف، أو الإقرار، حيث أقر بإدانة سياسة بلاده، ومسؤوليتها عن التسبب بعشر سنوات من الفوضى التي دمرت ليبيا وأفقرت شعبها، وأشعلت الحرب الأهلية، التي شكلت البيئة المناسبة للإرهاب التكفيري الذي سيطر على الكثير من مرافق الحياة قابضاً على رقاب الليبيين.
ما لم يقله ماكرون، أن قرار نشر الفوضى في البلاد العربية جاء من قيادة حلف شمال الأطلسي في قمته العام 2010، حيث قرر (ضرورة تغيير الأنظمة في المنطقة العربية) بإثارة الاحتجاجات، وباستخدام “الإخوان المسلمين”.. ولم يكن الدور الفرنسي في ليبيا، إلا الواجهة، التي استندت إلى الدور الأميركي- البريطاني- الغربي- الإسرائيلي، وهكذا فإن اعتراف ماكرون هو اعتراف للحلف الأطلسي بمسؤوليته عن الفوضى والخراب والدمار والإرهاب الذي انتشر في المنطقة العربية خلال السنوات العشر الماضية.
ما قاله ماكرون، وما حمل كلامه من معانٍ واعتراف وإقرار، لا يجوز أن يبقى في إطار المجاملة السياسية الفرنسية، أو التواضع الغربي المصطنع، أو التقرب أكثر للتأثير في السياسات الحاضرة.. ما قاله ماكرون، من إقرار بإدانة سياسة بلاده ومسؤوليتها مع الحلف الأطلسي في إثارة الفوضى في المنطقة العربية، وتدميرها وإفقار شعوبها والاعتداء على حياة واستقرار وأمان الناس فيها، يجب أن يكون وثيقة أساسية سياسية وتاريخية عن دور الأطلسي في المصائب التي زرعها في المنطقة العربية، والتي فرضت فوضى وإرهاب وصل إلى أوروبا –وربما إلى أميركا– كما يجب أن يعتمد كلام ماكرون واعترافه، مع مقررات “ناتو” في قمته 2010 كأساس حقيقي ووثائقي لكتابة تاريخ ما جرى في منطقتنا والذي تسبب به الغرب الأطلسي والذي سماه ماكرون (عقداً من الفوضى) معترفاً بأن الغرب الأطلسي مدين لنا وللعالم بالمسؤولية عن هذا “العقد الفوضى”, علينا ألا نضيع الحقائق، وإدعاء الغرب “بالثورة” و”الربيع العربي” فضحه ماكرون معترفاً بحقيقته كفوضى وتخريب وتدمير تسبب بها وأدارها الغرب الأطلسي.. أنه التاريخ المولد للقادم والمستقبل المتحرر من سياسات “ناتو” والغرب الأطلسي..