هل نجحت الدراما السورية في تقديم صورة المرأة ؟

شغلت المرأة حيزاً كبيراً من الأعمال الدرامية والفنية منذ انطلاق البث التلفزيوني مطلع الستينيات، وذهبت بمرور الزمن تتجه نحو تقديم دراما تلفزيونية وطنية، فكانت النتاجات في البداية متواضعة إلا أنها مع مرور الوقت بدأت تأخذ عمقاً فكرياً وفنياً، لاسيما مع تراكم الخبرات، وما تمّ تقديمه عبر هذه السنوات، فهل أنصفت الدراما السورية المرأة عبر مسيرتها الطويلة ..؟!!
وهل شاهدنا فعلاً مواضيع تعنى بها، وهل قدمت المرأة مساحات من البطولة كبطلات في الدراما، أم أن الانحياز كان لمواضيع أخرى؟ وما دور أعمال البيئة الدمشقية على تنوعها في تكريس صورة نمطية عن المرأة ، وما مدى مصداقية هذه الصور، وما نسبة أعمال السيرة الذاتية عن قامات أنثوية سورية معاصرة، أو من التاريخ بشكلٍ عام في الدراما السورية خلال سنوات الحرب على سورية ؟!!
وهل استطاعت الدراما أن تواكب تضحيات المرأة السورية في مختلف المجالات، وتقدمها بالشكل الحقيقي؟!!.. طروحات عديدة قدمتها الندوة الفكرية الحوارية التي أقامتها (جمعية بيت الخط العربي والفنون)، وحملت عنوان “المرأة في الدراما السورية” بمشاركة كل من الشاعرة عدنة خير بيك، والكاتب سامر محمد إسماعيل، فيما أدار الندوة الإعلامي سمير طحان ..
استلاب القيم والطرافة
الكاتب والسيناريست سامر محمد إسماعيل؛ رأى أن الدراما أغفلت كل النساء اللواتي كان لهنّ حضور سياسي وثقافي وغيبت للأسف المرأة الدمشقية بصورةٍ حقيقية، وأشار بأن بعض مسلسلات البيئة الشامية، كانت غير لائقة بتاريخ الدراما السورية، وأساءت بشكلٍ معين لهذا الفن وصناعه، لأنها تقدم هذه البيئة الحضارية بطريقةٍ مشوهة تسيء لتاريخ المجتمع الدمشقي، فهي لم تقدم تاريخ دمشق الحقيقي الغني فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكان الصراع الأبرز على الصورة التي قُدمت فيها المرأة والدور المناط بها في الأسرة الشامية، علماً أن أول صورة حيّة للمرأة في الدراما كانت شخصية “فطوم حيص بيص” التي أحبت صحفياً، ولكن تم استلاب كلّ القيم والطرافة الموجودة في مجتمعاتنا للخارج وبأيادٍ سورية كانت وراء كل ذلك التغييب ..
وشدّد اسماعيل على الدور الذي يلعبه الرجل والمرأة في أي عمل فني وضرورة تقديم صورة تعكس حقيقة المجتمع السوري والابتعاد عن الطابع التجاري، ودعا إلى ضرورة إعادة إعمار الثقافة والفن في سورية من خلال إطلاق مشاريع ثقافية حقيقية مع دعم مادي يضمن لها تحقيق أهدافها، وختم اسماعيل مداخلته؛ إن سورية أهم بلد في العالم، فهي قلب الحضارة ومنبع الثقافة، وأول أبجدية في العالم وجدت على أرضها، وعُزفت أول نوطة موسيقية في العالم في ربوعها، ومع كل هذا الغنى الحضاري؛ هناك أمل بأن تأخذ سورية دورها وتستعيد ريادتها في المنطقة.
مشاريع فنية توّثق دور المرأة
من جهتها أشارت الشاعرة عدنة خير بيك إلى الدور الذي تلعبه المرأة باعتبارها قائدة قاطرة التغيير ونقطة الانطلاق في أي انتاج ثقافي جديد للمجتمع ، وطرحت تساؤلات متعددة .. كيف استُخدمت الشخصية الدرامية للمرأة لترويج المنتج الدرامي، وكيف سلّعت بأعمالٍ سطحية فجة لا تمت للواقع الحقيقي بصلة؟، وأن ظهور دراما البيئة أدى إلى رسم صورة ذهنية للمرأة السورية، وتحدثت عن التأثير السلبي للصناعة الدرامية، وكيف أثر الشرط الإنتاجي على صورة المرأة السورية، ولفتت أن الدراما بما تحويه من صورة للمرأة هي إحدى الصناعات الأساسية في سورية، خاصةً أنها من أهم الأيقونات المستهدفة في الحملة الشرسة لاستهداف الهوية السورية، لذا فإنّ صورتها في الدراما تحتاج إلى حماية وغطاء من الجهات المعنية، وأضافت أن الحل الإبداعي يمكن أن ينطلق من تغيير التوجه إلى أسواق مختلفة، والتوجه نحو انتاج أعمال تجسد الصورة الحقيقية لواقع وتضحيات المرأة السورية خلال سنوات الحرب على سورية وصمودها عبر إطلاق مشاريع فنية توثق دور المرأة السورية وبطولاتها.
وفي الختام؛ أشار الناقد نضال قوشحة في مداخلة له إلى ضرورة إعطاء المشاريع الثقافية الأولوية لاستنهاض الصناعة الدرامية من خلال تقديم الدعم المادي للمشتغلين في هذا المجال، وتحصينهم والحد من هجرتهم إلى الخارج، وإعادة هيكلة هذه الصناعة بشكلٍ مختلف تتناسب مع متطلبات العصر، وأيدّه في هذه المطلب المخرج التلفزيوني عدنان أبوسرية، وبدوره لفت الناقد عماد نداف إلى ضرورة ضبط الجودة الفنية والفكرية للصناعة الدرامية وإيجاد معايير جديدة تتناسب مع الواقع الراهن.

تصوير: صالح علوان

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار