جنون الأسعار والحصار الجائر
كلنا يتذكر المواطن التونسي في بداية أحداثهم التي تهنا حتى فيما نسميها (شتاءً .. خريفاً .. ربيعاً .. صيفاً .. برداً .. تجمداً .. تنمراً .. تلبداً ..) عندما قال: «هرمنا» ومن المؤكد أن أغلب السوريين لم يظنوا أو يتوقعوا أن تكون هذه الكلمة منطبقة على واقع بلدنا, فكل المؤشرات و المقاييس أبعد ما تكون لتحويل البنى و الأوضاع لتصبح هذه الكلمة قليلة أو قزمة أمام ما أصبح خيالاً ولسان المواطن السوري يصور وينطق.. ومؤكد ما مورس و عمل وخطط له من حرب إرهابية وحصار ظالم على بلدنا لا يقترب من جزئيات ما أريد لسوريتنا, فالجغرافيا والسياسة والتطور البنيوي بكل أبعاده و الخطر على المشاريع العالمية و ركائز المخططات المستقبلية المتمثلة بالموقع الجيو- سياسي و خطوط نقل النفط والغاز والنسيج الموحد والبنى الفكرية و المستوى التنموي والعمق التاريخي كلها جمعت عشرات القوى العالمية و مراكز أبحاثها و أوكار استخباراتها لوضع خطط إرهابية ذات بدائل لا تحترم شرعية دولية أو حقوق إنسان أو قوانين وهدفها خلق نظام «شرق- أوسطي» جديد من رحم الفوضى والتدمير أسه بلدنا وعندما نجحنا في تقويض الإرهاب العسكري فتحوا علينا أسلحتهم بالإرهاب الاقتصادي المدمر الحارق الخارق القاتل المجوع بأساليب لم تعرفها البشرية و بادعاءات حضارية؛ حصارات وعقوبات و سرقات, حرق محاصيل, تدمير معامل, سلب منشآت وخلق بلبلات و خطط , وباء مضاربات وهمية و إعلام مضلل, أدوات ميسرة. كل هذا انعكس على حجم الموارد وعلى رفع متواتر للأسعار جعل الأغلبية تلامس الفقر ولم يعد أي تقشف أو جدولة تنفع الأغلبية. طوابير مستمرة , تأزيم, تمرير تعويم واقتراحات خلبية , كله انعكس بسبب الحصار الأمريكي الجائر على فكر المواطن وعلى روحه وإنسانيته وعلى الأخلاق التي ما دأبوا عن حرفها وتمييعها, فحتى كورونا التي عادت لواجهة الأخبار ولعدة أطوار لم تعد تعني شيئاً للمواطن ولم يعد يخشاها كما يخشى كورونا الأسعار و عشوائية التجار، وحتى الموت أصبح عادة و أصبح الأمل سوداوياً و الخوف من القادم مأساوياً في ظل لا مبالاة يمكن عدّها في ناحية التعمد وأصبحت سيرورة الحياة في انتظار عدم اقتراب الموت.
لا مبالاة لأي شيء مادامت الأسعار كورنت حجم الوجبات ونوعية الغذاء و جمدت مشاعر العباد.
ويبقى السؤال : هل نستسلم وبدل «هرمنا» استسلمنا،
هل عمّ الظلام وهل جفت الخيارات والعلاجات والأدوات ؟ .
تعج الصحف بإنجازات الجهات المختصة بجرائم المخدرات والسرقات والدعارة والمخدرات وهو شيء جميل للعيون الساهرة، ولكن الأجمل أن نصل لعلاجات تحد من التنمر والانحرافات وتمنع جيلاً وأجيالاً من التمرد والانحلال و تعيد الأمل و تحقق المراد.
لا مكان لليأس بوجود الإنسان السوري ولكن من يحاول تعميم التيئيس؟.
ما هي الحلول, هل ينفع الانتظار والسلبية و مجيء الأسوأ ؟.
هل ما تقوم به الجهات التنفيذية هو كل ما نملك من خيارات؟ لا نتكلم عن المدى المتوسط والمستقبلي فبوجود الخبرات والموارد و الأدوات كل شيء سيكون، ولكن كورونا الأسعار و ما خلقته بحاجة لعلاجات آنية تتدارك الظروف وتعرقل ما خطط ويخطط ، وبعلم الجميع ما نراه لا يعطي حلولاً ولن يقطع طريق ما خطط له.
ألا يجب أن نستنفر ونحشد الطاقات و نضرب بالقانون بيد من حديد لنار الأسعار مثلما فعلنا لاحتواء كورونا أم إن هناك من يظن أن خطر كورونا أخف من كورونا الأسعار؟ .