لم يمر وقت طويل على وصول بايدن إلى البيت الأبيض حتى بدأ يظهر للعيان أن إدارته لا تختلف عن إدارة ترامب وأنهما وجهان لعملة واحدة وأن السياسة الأمريكية واحدة ولا تتغير بتغير الإدارات وإذا كان ترامب قد كان يتصرف تصرفاً فضائحياً وبلا أقنعة أو عمليات تجميل “مكياج”.
شعارات بايدن بسلوك طريق الدبلوماسية والتعاطي بمرونة مع القضايا الدولية والتخلي عن استخدام التصريحات النارية والقوة العسكرية المباشرة سرعان ما سقطت وظهر زيف هذه الشعارات.
فالعدوان الأمريكي الوحشي على الحدود السورية- العراقية الذي تم بأوامر مباشرة من بايدن أسقط كل المزاعم التي قالت باختلاف سياسته عن سلفه كما بددت أمال المراهنين على تحسن في السياسة الأمريكية في المرحلة المقبلة ومراجعة أخطاء المرحلة الماضية، فالقصف الآثم والغادر للطائرات الأمريكية على ريف دير الزور اعتداء سافر على أراضي دولة عضو ومؤسس في الأمم المتحدة وانتهاك صارخ للقانون الدولي وهو ما يندرج في سياق السياسة ذاتها لإدارة ترامب.
سياسة أمريكية واحدة مهما تبدل الرؤساء وتبدلت الإدارات وهي قائمة دائماً على العدوان والاعتداء على الآخرين وخرق الشرعية والمواثيق الدولية والتهديد بالقوة واستخدامها، وتصريحات بايدن العدائية تجاه روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوبا ربما كانت أشد وأخطر من تصريحات ترامب وفيها نزوع أمريكي للعودة إلى الهيمنة واستعادة عرش القطبية الأحادية الذي تصدع ووصل إلى حد الانهيار في السنوات الماضية.
لقد قوبل العدوان الأمريكي على الأراضي السورية على الفور إدانات شديدة من روسيا والصين وإيران ودول أخرى، وأكد هذا العدوان الجبان نيات إدارة بايدن بإطالة أمد الحرب العدوانية على سورية واستمرار واشنطن في نهجها المعادي للدولة السورية والشعب السوري وزيادة تعقيد الأزمة بدلاً من المساهمة في حلها، لكن أحلام البيت الأبيض بإعادة سورية إلى الوراء محكومة بالفشل مهما ارتكب من حماقات التمادي والعدوان.