كاسك يا وطن
علي الرّاعي :
ليس جديداً السجال الدائر اليوم بين بعض «المتثاقفين» على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو: هل كان نجح الشاعر محمد الماغوط في نصوصه المسرحية لولا شراكته مع الفنان دريد لحام، أو الطرح المقلوب والمُعاكس للتساؤل السابق؛ هل كان دريد لحام نجح في مسرحياته لولا نصوص الماغوط؟؟!!
مثل هذا السجال؛ لم ينقطع منذ أن حلّ الرجلان «شراكتمها» الإبداعية، قبل عقود عدّة، وحينها انقسم القوم بين أنصار الماغوط، وبين أنصار لحام، في مشهد عنتريات يُذكرنا بعنتريات فريق عمارة، وفريق عنترة فيما كان يرويه حكواتي مقهى النوفرة وغيرها من مقاهي دمشق، وحماس «عناتر» كل من «عمارة وعنترة» الذي يصل لـ«سحب سيوف ياويل حالي»..عنتريات تُعيد للذهن «المقارنات» البائسة التي قام بها بعض «فرسان» الثقافة لما يُسمى «المُعارضة»، فحتى يقللوا من شأن أدونيس، صاروا يقارنون بينه وبين عبد السلام العجيلي، ورغم أنّه لا مجال أبداً للمقارنة بين المُبدعَين السوريين الكبيرين، ولا على أي مستوى إبداعي، لا في حقل الإبداع، ولا في فكر الرجلين، وإنما فقط لأنّ أدونيس لم يرَ في هذه “المُعارضة” أكثر من أفكار تكفيرية غايتها خراب سورية، فكانت المُقارنة بهدف إقامة حفلة ردح وشتائم لأدونيس.
اليوم؛ يعود السجال من جديد، وطالما طلَّ هذا السجال برأسه كلّ حين، بين أنصار الماغوط – والحقيقة هم من يعيدون أكثر مثل هذا السجال-، وبين أنصار لحام في عودة «بسوسية» لمضارب بني هلال وربيعة ووائل وبني مرّة، وحروب «داحس والغبراء», ولأنّ «موقعة» السجال، وقعت اليوم، لابدّ من توضيح بعض الأمور ريثما ينجلي غبار المعركة:
أولاً: على الصعيد الإبداعي؛ لا مجال للمقارنة بين الرجلين، تماماً كغباء المقارنة بين حكواتي الرواية السورية عبد السلام العجيلي، وبين مفكر مثل أدونيس.
ثانياً: ما يُمكن الحديث عنه موضوع «التشاركية» بين الماغوط كاتباً، سواء في المسرح، أو السينما، وبين دريد لحام مخرجاً وممثلاً، لكن قبل أن نسترسل؛ أريد أو أُذكّر أنّ الماغوط نفسه استبعد من أعماله الكاملة نصوصه المسرحية، واكتفى بالقصيدة فقط، وللحقيقة كان الماغوط أحد أقطابها.. بمعنى أن الماغوط كتب نصوصه المسرحية وحتى السينمائية فقط لدريد لحام، ولنتخيّل بدرونا لو أنّ فناناً آخر غير لحام قام بتشخيصها سواء إخراجاً أم تمثيلاً، لنتخيل فقط النتائج.
الأمر الثالث: وهو ما يؤكد سابقه؛ إنّ الماغوط أغلق الباب على نتاجه المسرحي بعد فض الشراكة مع دريد لحام، فيما كان الأخير مستمراً قبل الماغوط، وكذلك استمرّ بعده، ولنعترف: إنّ دريد لحام هو المؤسس الحقيقي – وإن لم يكن الأول- للدراما السورية بأنواعها الثلاثة: الدراما التلفزيونية، والسينمائية، والمسرحية، فهو من أطلقها عربياً، وأشهر الدراما السورية واستساغ العالم قبولها، كما يعود له الفضل أيضاً – بالتأكيد مع مشاركين كثر – من تعريف العالم العربي باللهجة السورية عن طريق الدراما، وجعلها الند اللغوي للهجة المصرية، و«كاسك يا وطن»!!