بايدن والخيارات الضيقة بين أزمات الداخل والخارج
من المؤكد أن الرئيس الأميركي جو بايدين سيستغل ما حققه ترامب في السياسة الخارجية في الشرق الأوسط وينطلق لتثبيته والاستناد إليه في توسيع المصالح الأميركية؛ وبخلاف طريقة ترامب الارتجالية الأحادية والمباشرة هاهو بايدن يبادر إلى التنسيق مع أوروبا ويبعث الرسائل إليها ليُشجعها على التعاون مع إدارته لتحقيق المصالح المشتركة.
لكن بايدن يرى هو وأوروبا أن السنوات المقبلة حافلة بأزمات داخلية أوروبية وأميركية اقتصادية واجتماعية خلفها وباء كورونا والشلل الذي ولده في معظم مجالات ومرافق الاقتصاد والنمو، ولذلك يعتقد المحللون في كلا القارتين الأوروبية والأميركية أن هذه الكتلة الكبيرة للدول الرأسمالية التاريخية أصبحت بحاجة لبعضها البعض في مواجهة التوسع والنمو الصيني والروسي في آسيا وإفريقيا، وخاصة في الشرق الأوسط الذي شهد تحالفاً ثابتاً ومتيناً بين هاتين القوتين الكبيرتين وبين محور المقاومة الذي يتوسع ويتجذر ويزيد من تثبيت قواعده وقدراته في مجابهة أي مخطط أميركي يستهدف مصالحه وسيادة أراضيه.
ففي أعقاب الانتصار على الحرب الكونية وإحباط الأهداف العدوانية الأميركية- الصهيونية لتقسيم سورية وتفتيت قوة محور المقاومة، أصبح من المتوقع أن تجد واشنطن وعواصم أوروبية أنها مجبرة على تعديل خططها، ورسم طريقة جديدة للتعامل مع محور المقاومة الذي انتصر على كل أشكال الحروب الإرهابية والحصار الوحشي على شعوبه، ولذلك توقعت مجلة «أتلانتيك» الأميركية قبل أسبوع أن يستند بايدن إلى الاستفادة من فشل سياسة أوباما ضد سورية وتراجعه عنها بعد عام 2015 بسبب عدم ضمان نجاح الحل العسكري الأميركي المباشر وتفضيله التوصل مع إيران إلى اتفاق نووي وتخفيف الحصار عليها.
ويبدو أن بايدن سيكون مجبراً على وضع حسابات في سياسته تجاه محور المقاومة بعد أن رأى فشل سياسة ترامب الهجومية المباشرة ضد سورية وإيران ومضاعفاتها على المصالح الأميركية في العراق، إضافة إلى تزايد قدرة الردع التي حققها محور المقاومة في العام الماضي بعد الصدام الإيراني- الأميركي في الخليج وأراضي العراق.
وقد تجبره هذه الحسابات على البحث عن طرق لا تضع في أولوياتها إطلاق التهديدات العسكرية التي دأب ترامب على استخدامها من دون جدوى ضد أطراف محور المقاومة، ولذلك بدأت بعض الأصوات بدعوة بايدن إلى فتح خيارات تتيح حلاً سلمياً بعد فشل الحلول العسكرية، وظهرت بالتالي أصوات مضادة تدعو بايدن للسير على طريق ترامب تجاه سورية.
وفي النهاية لن يجد بايدن بموجب تقديرات بعض السياسيين الأميركيين إلا طريقة الحلول الوسط لأن سياسته تجاه العودة مع إيران إلى الاتفاق النووي تعني استبعاد سياسة المواجهة مع سورية لأن استمرار سياسة العدوان ضد سورية تعني مواجهة مع جميع أطراف محور المقاومة.
كاتب من فلسطين