لقمة نظيفة ..!

لم يكن يعتقد يوماً أن تباع منتجات أرضه بأسعار خيالية بينما لا يدخل إلى جيبه من «الجمل إدنه» بعد «شفط» تجار بركتها بأيديهم «الواصلة والمتروكة في الأسواق على هواها».. هذه المعادلة المعكوسة، التي يدفع المواطن ضريبتها من قوت يومه توضح بـ«القلم نشرح» واقع الفلاح المأساوي مع إنه كان ولا يزال صمام الأمان المضمون للحصول على لقمة نظيفة السعر والطعم بعيداً عن غش التجار والمهربين.

سرقة بعض التجار أرزاق الفلاحين على «المكشوف» وعدم قدرة المعنيين في أشد الأوقات حرجاً على إنتاج حلول مجدية تضمن تصريف محاصيلهم بأسعار مقبولة تنشلهم من فخ الخسائر الدائم، يطرحان تساؤلات مشروعة حول جدية الدعم المقدم للفلاح وخاصة عند لحظ تردي حال جميع القطاعات الزراعية، التي ترزح تحت وطأة مشكلات متراكمة لن يحلها توزيع منح مالية دسمة تتبخر قبل وصولها إلى مستحقيها، وبالتالي ليس المطلوب إقامة أسواق شعبية فشلت منذ البداية في «نصرة الفلاح» بحكم سيطرة التجار على مساحاتها وبيعهم منتجاته بأسعار مرتفعة، ولا شراء «السورية للتجارة» بأسطول نقلها الكبير وقدرتها «التدخلية» العالية- إن أرادت- محاصيل الفلاحين بشكل مزاجي على نحو يفقدها ميزة تدخلها الإيجابي، فحلحلة مشكلات قطاع يعد الجناح الأساسي للاقتصاد المحلي تحتاج أولاً للاقتناع بأهمية القطاع الزراعة الحيوي وتوجيه بوصلة الدعم الحقيقي نحو الفلاح وأرضه وتغيير العقلية المتبعة في معالجة شؤون الزراعة واستثمار إمكاناتها الكثيرة وإدارة خيرات الريف بطرق مجدية تترك أثراً إيجابياً على معيشة الفلاحين والمواطنين.
استعراض مشكلات الفلاحين في كل اجتماع من دون معالجة واضحة من الجذور سيبقي القطاع الزراعي في دوامة النكبات ذاتها، ووزارة الزراعة تتحضر لعقد مؤتمر وطني لتطوير الزراعة بفكر جديد تحضيراً لرؤية متكاملة من أهل “الكار” والاختصاص لإنقاذ هذا القطاع الاستراتيجي، وهي لا شك خطوة مهمة، لكن الظروف الاقتصادية الاستثنائية تفرض تدخلاً مستعجلاً بعيداً عن فكرة المؤتمرات والاجتماعات، التي من الأوَلى صرف تكاليفها الكبيرة على تأمين مستلزمات زراعة منتجات تخفف فاتورة الاستيراد وتحسن الواقع المعيشي، فاليوم الفلاح والمواطن ليسا بخير، وإعادة اختراع الدولاب من جديد لن تطعمهما خبزاً ولن تؤمن المازوت للزراعة أو التدفئة، والمطلوب فقط احتضان فعلي وعين رعاية واهتمام تعيد غطاء الدعم والحماية لمن يزرع أرضه ورفع أيدي الفاسدين عن تمويل وتوزيع المواد المدعومة زراعياً عندئذ سنحظى ببركة فلاح وخيرات أرضه بأسعار معقولة بعد كف «شر» التجار مع عودة تدريجية إلى بّر أمان غذائي يحمي اقتصادنا وجيوبنا.. فهل تفعلون؟!.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار