العُهدة القديمة
رغم انقضاء عهدة دونالد ترامب الرئاسية إلا أن تبعات سياساته ستبقى عميقة في السياسات الأميركية، ولا يبدو أن الرئيس الجديد جو بايدن يمتلك عصا سحرية لتغيير تلك السياسات سريعاً.
نجح بايدن باستغلال قرارات ترامب الخطيرة وسياسته وتوظيفها لصالحه خلال فترة الانتخابات وما تلاها قبل وصوله رسمياً إلى البيت الأبيض، لكنه قد لا يكون بحجم التغيير الذي طرحه خارجياً، أو بصيغة أكثر تفاؤلاً قد لا يمتلك السرعة الكافية لتحويل تلك الوعود إلى حقيقة ما يعني أن فترة رئاسته لا تسعفه لتحقيق الوعود, إن سلمنا أن لديه الرغبة في التغيير الفعلي.
لم يتردد بايدن بإظهار كارثية قرارات ترامب على الولايات الأميركية ومصالحها، وأعطى الوعود الكثيرة بأنه على استعداد لمباشرة تغييرات تخالف ما بناه ترامب مختاراً الفريق الأكثر اختلافاً عن سابقه, لكن ما إن بدأت لحظة الحقيقة حتى كرر فريق بايدن استعداده للمضي بما بناه ترامب.
واقع الإدارة الجديدة بدا استمراراً للسياسات القديمة وتجلى ذلك من خلال تصريحات أفراد أعضاء إدارة بايدن الذين صوبوا البوصلة بقوة نحو “إسرائيل” وأكدوا بشكل أو بآخر أنها “خط أحمر” بالنسبة للإدارة الجديدة, وتحدثوا عن “مسافة بعيدة” بين واشنطن وطهران للعودة إلى الاتفاق النووي، كما قالوا باتباع “سياسة الصبر” مع بكين.
وباستثناء بعض القرارات المتعلقة بالاتفاقيات التي انسحب منها ترامب وعاد إليها بايدن وبعض القرارات الداخلية، لم يستطع بايدن خلال أسبوعه الثاني في الرئاسة إعطاء خريطة طريق واضحة للخروج من براثن ترامب.
المهمة قد تبدو شاقة للغاية، لكن يبقى السؤال: هل لدى بايدن الرغبة والقدرة على قلب بعض الملفات الخارجية رأساً على عقب؟ خاصة ما يتعلق بمنطقتنا، والعلاقات السياسية والاقتصادية مع الصين..؟
حتى الآن لا تمايز عن السياسة السابقة إلا بالوجوه الناطقة بذات التصريحات القديمة.
وعلى الصعيد الداخلي، يواجه بايدن أيضاً جدول أعمال مزدحماً وشاقاً مع اجتياح وباء كورونا بسلالته الجديدة وتضاعف أعداد الوفيات وتضخم معدلات الفقر والبطالة بين الأميركيين الذين يصارعون أسوأ موجة تراجع اقتصادي في تاريخهم.