«سنفعل شيئاً» بهذه العبارة أجاب الرئيس الأميركي السابق والمهزوم دونالد ترامب عن سؤال وجهه صحفي أميركي له في ملعب الغولف في فلوريدا حيث إقامته. ولم يدع مرافقو ترامب الصحفي يسترسل أكثر في طرح أسئلته، والتي ما تزال أسئلة ليس الأميركيين فحسب، بل حتى أنصاره ومؤيدوه فيما يمكن أن يقدم عليه ترامب والذي ما يزال يرى أنه “الرئيس الشرعي”، وأن الرئيس بايدن والديمقراطيين والبنية السياسية العامة في الولايات المتحدة قد “منعته أو صادرت هذه الشرعية”.
ولاشك أن ترامب وحين يشير إلى أنه “سيفعل شيئاً”، نتساءل ما هو هذا «الشيء» وماذا لديه من أوراق ليقدم أو ليصل إلى هدفه بالبقاء في موقع التأثير إن لم يكن القرار في وضع بات ميئوساً منه بسبب ما ينتظره من جلسات محاكمة ربما تضع حداً لنشاطه ودوره السياسي الذي أسس عليه وكظاهرة في الولايات المتحدة وعلى مستوى صانعي القرار الأميركي، ألا وهي ظاهرة «الشعبوية» بكل فجاجتها والهستيريا التي تصاحبها على مستوى الشارع.
لم يعد خافياً على أحد أن ترامب قد جمع حوله كل تلك الميليشيات أو المنظمات التي تمارس دورها ووظيفتها العنصرية في المجتمع الأميركي، والجميع يتخوف من اتساع هذه الظاهرة وانتشارها على نحو يتولد منه المزيد من الانقسام وتحويل الشارع إلى صفيح ساخن في صراعات ومواجهات ستصيب وبالمقتل البنية الأميركية ولتتحول إلى «أمم» أو دويلات دون أن تكون «متحدة». وعلى هذا النحو وحين يشدد ترامب على المواجهة التي يريدها هي مواجهة مع أولئك الذين يدعون إلى برامج ومشاريع إنسانية واجتماعية على أنها «يسارية وإلحادية» فإنه في ذلك يقترب أكثر فأكثر من الاتجاهات والتيارات والجماعات الأكثر يمينية وعنصرية، أو الأكثر تطرفاً وعنفاً وهو الأمر الذي ارتسم من خلال رصد من قام استجابة لنداءات ترامب نفسه باقتحام مبنى الكونغرس، ومن أمر بتسيير التظاهرات المتنكرة لتنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة في أكثر من 18ولاية أميركية من دون أن يتخلى هؤلاء عن التلويح بالسلاح والمشاغبة التي وصلت إلى حد تهديد الأمن والسلام والاستقرار وهو بالأساس بات هشاً مع ترامب على امتداد الأربع سنوات التي أمضاها رئيساً، وكان من حصيلتها على الأقل هذا «النخر» الذي بدأ يعصف بأميركا وبجميع ولاياتها، وأدى أيضاً إلى انقسام يهدد وحدة الولايات، وربما وحدة الحزب الجمهوري نفسه، إذا ما أقدم ترامب على تشكيل حزب جديد، وباسم «الحزب القومي الأميركي» لما له من دلالات وأبعاد على الواقع الأميركي المستجد بخطورته وتحدياته، وما أصعبها على الأميركيين وربما العالم كله.