بعد وصولها بأيام معدودة، عادت أكبر حاملة طائرات تملكها أمريكا من منطقة الخليج وخيبت آمال من يريدون حرباً أمريكية على إيران، ولاسيما أن المحللين السياسيين والعسكريين توقعوا بأن إرسال تلك البارجة إلى المنطقة يعني أن أمريكا “تحضر لحرب تحرق الأخضر واليابس” وترضي غرور وجنون الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي حول العالم إلى برميل من البارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة.
إن إرسال البارجة إلى منطقة الخليج لم يكن لاستعراض القوة الأمريكية فقط وإنما كان لابتزاز بعض حكام الخليج وتحصيل ما يمكن تحصيله من أموالهم المنهوبة من شعوبهم كأجور وتكاليف نقل وإعادة الانتشار ولاسيما أن ترامب قد قالها مرات عديدة بأنه “يريد أموال الخليج لأن حكامها يمكن أن يسقطوا خلال أسبوع لولا حمايته التي يريد ثمنها سلفاً”.
إن وجود القواعد العسكرية والقوات الجوية والبحرية الأمريكية لا يمكن أن تحقق الأمن في الخليج بل تزيد من حدة التوتر ولاسيما أن المسؤولين في إيران وعلى اختلاف مواقعهم أكدوا أنهم يريدون الحوار مع دول المنطقة وأن أمن الخليج لا يمكن أن تحققه إلا قوات دول المنطقة ذاتها ومن خلال التعاون والتنسيق وتحقيق المصالح التي يكفلها القانون الدولي للجميع.
إن انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية من المنطقة بالتزامن مع انتهاء ولاية ترامب وكذلك سحب قوات أمريكية من مناطق مختلفة حول العالم قد يعني أن مرحلة جديدة من التهدئة تحاول أمريكا تمريرها ولو لبعض الوقت بما يخفف الاحتقان وتنضج الخطط التكتيكية التي قد لا تختلف كثيراً عما عهدناه سابقاً، لكن بالوقت ذاته لا يمكن استبعاد قرار أمريكي متهور لإشعال مواجهات محدودة مع إيران بعد تنفيذ عملاء “إسرائيل” عمليات ضد المصالح الأمريكية في العراق أو في الخليج، وعندها لن يسلم أحد من تطاير الشرر الذي سيحرق أصابع من يلعبون بالنار قبل أن يصيب الآخرين.