تتسارع الصباحات، وكأنها في سباق مع الموت، وتبقى الفصول هي نقطة النهاية المدمجة تماماً مع البدايات، أما الأرقام التي تضع السنة بسلة “الـمـُعرّف” فيمكن أن تأخذ دور “حكم التماس” الذي سوف تُكتب المنجزات التاريخية باسمه لنقرأها – نحن البشر- بأحرف تخضع لأطماعنا الموبوءة بتجاهل الآخر، وأيضاً لرغبتنا في الارتقاء لبلوغ جرف المستحيل، أما في حال كان اللاعب من الأشخاص الذين يقبعون عراة على خط الدفاع الأول، فإن القراءات سوف تدور في فلك الأحلام المركبة التي تخضع لحاجاتنا اليومية الصغيرة، ولا أحد يجرؤ على البوح بأن كرة الزمن لن تتعدى طموحات المهام التي تجعل من أعضاء الفريق بالكامل سلاحاً “أناني” تحمله أصابع الأيام لتدافع به عن نفسها إذا ما تجاوزت الريح رغبتها في تحديد شكل الحياة التي سوف تميز الملعب عن نظيرته في البقعة المقابلة لكلّ ما يعترينا من عماء وخضوع.. خضوع نظن أنه قادر على ليّ ذراع الزمن ليكون تحت تصرفنا على الدوام !!
تتسارع المساءات، وكأن في تعاقبها شيئاً من الخيبات التي تلازمنا لتجبرنا على الأخذ بما قام بتدوينه من سبقنا أثناء صراعه الفاشل مع الموت، لهذا نتسلح – دائماً – بما قاله الأقدمون كتميمة نعتقد أنها قادرة على جعل خطواتنا أكثر تماسكاً مع الأرض .. الأرض التي لن تتوقف للحظة عن الدوران مهما بالغنا في استحضار أرواح من عبروها مرغمين دون أن يكون لهم من شروط سوى الخلود ضمن خدعة البقاء، تماماً كما نتوهم نحن في الآن !!
يتسارع الموت، وكأن في استمراره تأكيداً على متابعة النسيان، فلا دموع الثكالى تجبره على المثول بيننا كقيّم أبدي على الحياة، ولا استحواذه بصيغة الحاضر تقتل بالنفوس ما كان سبباً في استمرار النزف عبر العصور ..
أهي حكاية الملاعب بأحرفها الأكثر ألماً من العتب عندما تُطالب بتدوين باقات الهزائم !
تؤكد الكرة، أثناء تلقيها للركلات، أن الزمن وحده البريء من الانحياز، فحيث تكون العزيمة يكون للأيام شكل الانتصار، فلا شيء يدعو ضمن حدود الملعب لنكون طغاة، أو مغمورين.. ولا شيء يدعو لنماثلها في الرأي أو في المقام، فنحن هي، وكلانا – خارج حدود الموت – يدعو لبلوغ الهدف، لكن لتعاقب الصباحات والمساءات رأي آخر، قد يكون أكثر هشاشة من دمائنا المستباحة من قبل الأطماع الصغيرة، وأكثر صلابة من احتفالات رأس السنة التي نشنها نحن المعاصرون للحياة في كل عام، بوجه الموت !!