“النميمة” على الأضواء الخافتة
هكذا يقضون الأيام مع برنامج تقنين كهربائي “مدلل” في محافظة اللاذقية … تُخصص هذه المحافظة ببرنامج تقنين قد يكون استثنائياً، إذ تغيب الكهرباء أربع ساعات ونصف مقابل ساعة ونصف الساعة من الوصل، وهذه الوصل قد يتخلله الكثير من القطع، لذلك كل المشاريع تنفذ على مراحل، فليس بالإمكان إتمام أي مشروع في اليوم ذاته.. فوجبة الغسيل تحتاج إلى نهار كامل لكي تنجز، أما الحمام فهذا مشروع يحتاج إلى خطة استراتيجية وترتيبات نوعية، تضاف إلى الإجراءات المساندة، كتسخين “طنجرة” ماء داعمة على الغاز للحصول على كمية كافية من الماء الساخن. أما الجوالات والإنترنت فتكاد تصبح خارج الخدمة بسبب غياب الكهرباء الطويل، إذ إن بلد المنشأ للبطاريات الموجودة في السوق صممها لاستخدامات مختلفة وليس لتغطية كل ساعات التقنين الطويلة مهما علا شأن مواصفات التصنيع، فبلد كالصين أو كوريا الجنوبية أو ..الخ من الدول المصنعة صممت هذه المنتجات لتغطية غياب الكهرباء لفترات محدودة، وليس لتحل محل شبكات الكهرباء في البلدان المستوردة لهذه المنتجات. أما مفعول وبصمات غياب الكهرباء على السهرات المسائية فمختلف أيضاً، إذ ساهم هذا الظلام بعودة الماضي العميق إلى الحاضر، فالأضواء الناعسة تشجع على قصص السوالف والنميمة، وتَفقّد أداء الجهات المعنية، كالقصة الأحدث بعد موضوع لقاح الجدري الذي أودى برؤوس عشرات الأبقار، ولم يُعرف حتى الساعة ما الذي حصل، وهي شكوى الكثير من المربين من عدم جدوى لقاح تخصيب الأبقار، وأن هذه المحاولة التي تكررت كل 15- 20 يوماً وبمبلغ لا يقل عن ثلاثة آلاف ليرة، تنتهي بلا نتيجة، ومن قصص السهرات على الأضواء الخافتة أن اللقاح انقطع لمدة قصيرة، وعندما توافر اللقاح ثانية كانت النتائج على هذه الحال، وقد اضطر أبو العبد إلى تكرار اللقاح لسبع أبقار لديه أكثر من 20 مرة دون جدوى. وكلما طالت السهرة كثر الانتقاد لأداء الجهات المعنية، بدءاً من عدم توفير البذار والسماد والمازوت وليس انتهاء بتأمين العلف الذي حوّل مشاريع تربية الثروة الحيوانية إلى مشاريع خاسرة لا جدوى منها.