متاجرون بالأرواح

قد لاتكون المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن مخالفات البناء وانتشارها بشكل كبير ولاسيما خلال فترة الحرب, حيث استغل تجار البناء الظروف لتشييد أبنية قد لا تكون محققة الشروط والمعايير المطلوبة للبناء أو للسلامة العامة, فليس ذلك مهماً في مفهومهم, ما يهمهم فقط جني أكبر رصيد يتيسر لهم من أموال متناسين ما لهذه المخالفات من مخاطر على سلامة من سيقطنون فيها أو على الاقتصاد والتنمية وعلى ميزانيات الحكومة بشكل عام , كونها تحتاج لاعتمادات البنية التحتية , فتخديم مجمعات عمرانية سيشكل عبئاً إضافياً خارج ما هو مرصود في هذا البند من اعتمادات .
لا يخفى على أحد الكمّ الكبير من الأبنية أو الطوابق الإضافية التي تم تشييدها بشكل مخالف. ولا تزال وتيرته مستمرة في بعض المناطق ولاسيما في الريف . حيث كانت بعض البلديات منحت تراخيص بطوابق إضافية والتوسع بها شاقولياً لكن ضمن عدد محدود من الطوابق إلا أنّ ما حصل أن المستثمرين في هذا المجال راقت لهم الفكرة فتجاوزوا العدد المسموح به طمعاً في كسب المزيد من الأموال وقد حصل ويحصل ذلك في أكثر من منطقة وعلى مرأى ومسمع من الجهات المعنية والبلديات وربما على مستوى أوسع من البلديات وبمباركة منهم . على الرغم من إضرار تلك الأبنية بالجوار أو بالأحياء بشكل عام .
ما حصل مؤخراً من هدم لأبنية مخالفة في إحدى المناطق والتي كانت شُيّدت بعد غض المعنيين النظر عن أصحابها قد يكون بداية لمعالجات كثيرة في مجال محاربة الفساد والفاسدين وهنا نؤكد على ضرورة أن يشمل ذلك الإجراء جميع المناطق كون أغلبها تمت فيها تلك المخالفات , فمنها ما تمت تسوية وضعه ومنها مازال قائماً رغم مخالفته الواضحة , مع استمرار عجلة التشييد بشكل مخالف إلى يومنا هذا , مرة بالخفاء ومرات بعلم البلديات .لعل في شمولية هذا الإجراء ردعاً للفاسدين الذين يتاجرون بحاجة الناس بعيداً عن أي اكتراث لما تؤول إليه مخالفاتهم من عواقب قد تكون كارثية ليس على أرواح العباد فقط بل على الميزانية بشكل عام بسبب الحاجة إلى تخديمها بعد أن يقطنها المواطنون. فهل سنشهد إجراءات متشددة رادعة بحق هؤلاء المتاجرين بأرواح العباد وباقتصاد البلد لنقول إن حملة مكافحة الفساد في هذا المجال قد انطلقت بالفعل ؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار