آخر المطاف.. تركيا للـ”ناتو”
أكدت العقوبات السخيفة التي فرضها الولايات المتحدة الأمريكية على تركيا، بسبب شراء الأخيرة لمنظومة “إس400” الروسية، أنه لا يمكن التفريط بالقوة الثانية في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، وإدارة الظهر لها بشكل كامل، بل عكس ذلك إبقاء الرباط معها وعدم إغلاق الأبواب بوجهها حتى لا تسلك أنقرة أبواب طهران وموسكو المشرعة أمامها.
أن يُهمد كل ذلك الصراخ الأمريكي بعقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية التركية ومن بين العقوبات “المصيرية” تجميد الأصول وقيود التأشيرة على رئيس الإدارة الدكتور إسماعيل دمير، وضباط آخرين!. لدليل آخر على أن تركيا تحظى بموقع جيد في خطط الدولة الأمريكية “العميقة” الخارجية، التي يبدو أنها لن تضحي بأنقرة وبخاصة في ظل هذه الظروف الدولية المتأرجحة، من أجل إرضاء المواقف المتباينة من أنقرة لدى الإدارة الحالية أو القادمة إلى البيت الأبيض.
يخطئ منْ يظن أن تركيا خرجت أو قد تخرج عن سياسة حلف شمال الأطلسي “ناتو” الإستراتيجية، بل إن كل ما هناك أنها منحت هامشاً أكبر للتحرك من خارج “ناتو”، لكن في العموم فمرجعيتها الإستراتيجية أطلسية، فحتى العقوبات الأوروبية الأخيرة ما هي إلا مجرد “فركة أذن” صغيرة لا تترك أثراً ذا أهمية، لكن هذا هو الإطار الذي تسمح به أمريكا، التي يبدو أنها ومن تصريحات ساستها وتسريبات صحفها، أنها في طريق مراجعة سياستها تجاه تركيا للعودة بها كاملة إلى الحلف الغربي.
ليست محطة واحدة التي خدم فيها سلوك تركيا العدواني في المنطقة الغرب، ولا هي مرة واحدة التي تم فيها توظيف العلاقات التركية التي كان يفترض أن قوامها التعاون والتنسيق المتبادل مع دول الجوار لتخريب المنطقة، أو لإيصال الرسائل الغربية لسورية وإيران وصولاً إلى روسيا، فلتركيا دور وظيفي في المنطقة، وسياق تسير فيه ضمن مخططات الغرب الأطلسي التي تستهدف، إضافة إلى المنطقة، الجوار الروسي، وإلا لما كانت تركيا تستطيع التجرؤ والتنمر بكل هذا الصلف في شرق المتوسط على دول تعد بالمقارنة معها صغيرة كقبرص واليونان، فتركيا تعلم أن الغرب لن يضحي بها.