نعيشُ على البطاريات !. وإذا ما فرغ شحننا، نذوي ونذبلُ مثل نبتاتٍ قطعوا عنها الماء.. نعشق على البطاريات، ونتعانق في العتم وعلى ضوء “اللدّات”، ثم ندعو أن تتحمّل البطارياتُ ظلامَنا فلا تنتفخ من شدة الاستهلاك.. قلوبنا تدق على البطاريات وعيوننا تلمع في الظلام على البطاريات.. نكتب قصائدنا البائسة ونحلم بالشمس على البطاريات.. البطارياتُ أصبحت جزءاً من حياتنا، وإذا ما أردنا أن نقيّم شخصاً، كان لبطاريته القول الفصل في تحديد منزلته ومقامه العالي أو الهابط.. البطارياتُ كائناتٌ ليلية تتحركُ بعد أن ينام البشر، تقيس نسبة الأوكسجين والانفعالات وطبيعة الأحلام التي تراودنا كي توزع طاقتها بعدالة على أذرعنا وعيوننا وأوهامنا وأقدامنا التي تتحرك هي الأخرى على البطاريات!.
نعيشُ الحنينَ على البطاريات، ونعتذر عن تلقي التلفونات إذا ما انخفض الشحن في تلك الصناديق السوداء الصغيرة التي تعطينا الطاقة.. البطاريات في هواتفنا النقّالة تعوي من شدة الضغط، ونحنُ قلوبنا تخفق بشدة طالبةً المزيد من الشحن.. البطارياتُ توزع الخيبات علينا بالتساوي، والحبيبات ينتظرن بفارغ الصبر وصول الشحن إلى حده الأقصى.. البطاريات تتحكم بالعلاقات فتجعلها فاشلة عبر قطع الشحن.. رواتبنا تمشي على البطاريات.. وتنتعش أرواحنا تبعاً لما تريده البطاريات.. نذهب إلى السوق ونتحرك على البطاريات.. حياتنا أشبه بأسلاك متشابكة مع “كلاّبات” ملزّقة “بشرططيون”، وكلما فلتت “لزقة” نتوسل للبطاريات أن تساعدنا على “تلزيق” عمرنا الهشّ والمتداعي، فنحن من دون البطاريات “ولا شيء”!.