ليست هي المرة الأولى التي نكتب فيها عن الرقابة وأفعالها وبطولاتها في الأسواق , ومكافحة الغش وأعمال السرقة التي تستهدف قوت المواطن وحاجاته الأساسية وحتى الكمالية , ولايكاد يمر يوم إلا ونتحدث عن ضعفها تجاه هول ما يحدث في الأسواق من مخالفات , وفساد يكاد يحصد أمامه كل شيء..!؟
وهذا الأخير يشكل آفة خطيرة مازالت تنخر في جسم الدولة , استعصت عليها كل الإجراءات الحكومية , لأننا نجدها في كل أشكال العمل الحكومي (المالي والإداري والرقابي وغير ذلك كثير…!) لكن أخطرها (الأخلاقي) الذي سقطت أمامه كل القيم الإنسانية والاجتماعية لدرجة أنها أصبحت في ميزان (التقريش)، ومعظم حالات الأداء والقرار تمرّ عبرها , مع فرق ليس بالكبير في حجمها من موقع لآخر , وهذا الأمر كرسته ثقافة الأزمة التي مازلنا نعيش تفاصيلها على مدار الساعة منذ عشر سنوات وأكثر بقليل ..!
وما يحدث حالياً في الأسواق المحلية , وصولاً إلى قرارات التعيين وغيرها , معظمها حالات تندرج ضمن الميزان المذكور , مع اختلاف النوعية والحجم من قطاع لآخر , والذي يدلل على ذلك وصول شخصيات إلى مراكز قيادية بعيدة كل البعد عن ماهيتها وخصوصية عملها , مستبعدين كل الكفاءات والخبرات التي نمت لعقود معها وتعرف المخفي والظاهر منها , ولا تحتاج لسنوات لمعرفة مبادئها وكتابة حروفها الأولى , عندها تقع الحسرة واللوعة على مليارات الليرات سقطت في ميزان المحسوبيات والتقريش الذي أوصلها ووضعها في قمة القيادة للمؤسسات لاسيما الاقتصادية منها..!؟
والمشكلة أن التجارب السابقة وما حملته من أكوام الفشل في العديد من المؤسسات, لم تعلمنا, ولم تكن دروساً ضمن تجارب ينبغي الاستفادة منها في وضع معايير صحيحة لاختيار القيادات , ورسم سياسة الاختيار واعتماد أهل الخبرة والكفاءة في قيادة العمل , وتطبيق قاعدة تحكمها مقومات أخلاقية ومهنية قوامها (الرجل المناسب في المكان المناسب) والتي أثبتت كل التجارب الاقتصادية والإدارية نجاعتها في بناء مكونات اقتصادية وإدارية هي الأكثر قوة على مستوى العالم ..
ونحن في بلدنا ماذا ينقصنا حتى نكون ضمن هؤلاء , ولدينا القدرة والإمكانات المادية والبشرية , ونمتلك الكفاءات والخبرات التي توصلنا إلى مستويات أهم وأفضل، شرط الخلاص من شخصنة القرارات وحسابات التقريش. والأهم وجود رقابة فاعلة تضبط إيقاعها ولغة الاختيار..!
والأمل بالله كبير.. (إلا ما تزبط شي مرة) ..!
Issa.samy68@gmail.com