نتيجة إعجابي الشديد باللغة العربية الفصحى، وعشقي لها ولمفرداتها وتراكيبها وفَرادَتِها، تُزعجني كثيراً الأخطاء اللغوية التي تعترضني، حتى لو كانت على لافتة صغيرة، كالتي صادفتني مرةً عند محل لبيع الأجهزة الإلكترونية، وجاء فيها أن سعر إحدى الألعاب (10 تالاف)، أو مثل تلك التي قرأتها بجانب اسم أحد محلّات تصليح السيارات، وتقول «إصلاح دوزان الحالات (المصتعصية)»، أو كذاك السائق الذي كتب على شباك حافلته الخلفي «أحبُّكي كما لم أُحْبِبْ أحداً من قبلو». أضف إلى ذلك أخطاء اللفظ والتَّشكيل التي يقترفها مقدِّمو البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ومذيعو نشرات الأخبار على القنوات الفضائية ، الذين من المفترض أن يكونوا قُدوةً لغويةً، فمرّةً يبلعون اللام القمرية، وأخرى يبرزون الشَّمسية، ومرَّة يجرُّون المفعول به، ورابعة ينصبون الفاعل، وغير ذلك الكثير، بحيث لا أستطيع بعدها متابعة ما يقرؤون، ويتيه عقلي عن المعنى أمام هذه الشَّناعة المُكرَّسة على الأثير، هذا ولم نتحدَّث عن الذين لُوِيَتْ ألسنتهم نحو اللغات الأجنبية، كأن يُصبِّحوا على متابعيهم بالـ«بونجور» والـ«هايات» والـ«سافا»، مُتجاهلين جماليات «صباح الخير»، و«أوقاتكم سَعيدة»، و«عِمتُم صباحاً»، وما إلى هنالك من التعابير المُحبَّبة.
هذه الأمثلة وغيرها توضِّح، بما لا يدع مجالاً للشك، أن جميع جهود لجان تمكين اللغة العربية لم تأتِ أُكُلَها بعد، أو على الأقل أن المنهجية المُتَّبعة تعاني من خلل، وبحاجة هي الأخرى إلى تمكين وتصويب، علماً أن الموضوع لا يقتصر على الشَّكليَّات، كإلزام أصحاب المحلات والدكاكين بتبديل لافتاتهم، وتضمينها الاسم بالعربية فقط، بل إن العملية مُركَّبة جداً، وتحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود المجتمعية والتربوية والعلمية، لمواجهة الإساءات المتكررة للغتنا الجميلة، وليس آخرها «العربيزي» التي تُكرِّس العاميّات بأحرف لاتينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولكل من سيقول لي «شكراً» على هذه الزاوية، لن أردَّ عليه بالخطأ الشائع «عفواً»، بل سأقول له: «حُبَّاً وكرامةً»، كما نبَّهنا حارس اللغة العربية «موفق الأحمد».