منْ يخرّب الجمهورية الفرنسية؟

ليس جديداً ما نراه الآن في شوارع فرنسا وفي إعلامها من اتهامات بالتخريب، موجهة لمحتجين على سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون أو أي سياسات اقتصادية وأمنية فرضت على الشعب، لكن الجديد هو وضوح الازدواجية في الحكم الفرنسي بين ما يحدث في دول العالم والآن في شوارع فرنسا.

فقد عادت مصطلحات للتداول “كالمخربين”، لكن بوجه آخر، فالمخربون الإرهابيون في الشرق الأوسط غير “المخربين” في فرنسا، هي ازدواجية واضحة تتبناها “الديمقراطية” الفرنسية، الإرهابيون في الشرق الأوسط “ملائكة تدافع عن الحريات وعن إنسانية” تُرى فقط بالعين الغربية..”الضحية” هنا هو الإرهابي، بينما “الجلاد” هو رجل الأمن والمواطن الذي ينتصر لوطنه! في فرنسا العكس، رجال الشرطة والأمن “هم الملائكة”، بينما كل محتج ومتظاهر وكل من لا يوافق على سياسات السلطة وقانون “الأمن الشامل” الذي اقترحه ماكرون “مخرب”!، كيف هذا؟. معادلة فهمناها على مدى سنوات الإرهاب التي حل في منطقتنا، والآن على الشعب الفرنسي فهمها، حتى يعود للخلف وفهم ما جرى في “ربيع” الإرهاب الذي حل في الشرق الأوسط ودعمته حكوماته المتعاقبة.

الصورة الملفقة لرجل الأمن أو أي وطني يمارس أعماله في وطنه في الشرق ثمينة لدى الغرب ولو كان التزوير فيها واضحاً، يقام لها المعارض والمسابقات، وكمثال واضح فإن المصور أمير الحلبي الذي عمل مع جماعة “الخوذ البيضاء” الإرهابية كان يرحّب به في الغرب وتٌقدم له الجوائز، وعند تغطيته لتظاهرة في باريس هشمت الشرطة وجهه!. هذا معيار الحقيقة الغربية.. تزييف وتضخيم أعمال الغير فقط، الغير الذين لا يرضخون للسياسات الغربية، وفي الغرب عليك رؤية ما تراه الحكومات.

لقد رأينا وعرفنا “الديمقراطية” الفرنسية وشعاراتها في “حقوق الإنسان” في حقبة ما، فهذه تمارس فقط في فرنسا، بينما سكان المستعمرات هم “العبيد” الذين يقتلون لأجل فائدة فرنسا في جلب خيرات أوطانهم المستعمرة إلى الأرض الفرنسية، وليقتل رجال تلك المستعمرات في الجبهات الفرنسية، ليحيا الشعب الفرنسي برفاهية على أكتاف الشعوب، والآن الصورة هي داخل فرنسا تقول: منْ ليس مع الجمهورية بقوانينها رغماً عن ادعاء الحرية بالتعبير، فهو “من المخربين” أو كما وصفهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بـ”بالمخربين الذين يهدّمون الجمهورية”.

قد لا يكون واضحاً تماماً منْ يخرب الجمهورية الفرنسية، لكن الواضح أن ذروة الشعارات الفضفاضة في “الديمقراطية وحقوق الإنسان” تأخذ بالانحدار، ورغم ذلك فإن منْ يخربها هي الازدواجية المفضوحة والتي قد تقضي على ما يصور أنها “منبع الديمقراطية ووطن الحريات”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار