منْ يخلخل النظام التركي؟

بدأت رياح التغيير تصيب النظام التركي، وإن كانت أولى هباتها من جهة الاقتصاد، فمع إغلاق المصانع وما سبق ذلك من حملة مقاطعة خليجية للمنتجات التركية تراجعت الليرة، وحالة التدهور بالاقتصاد عبّرت عنها بشكل خاص استقالة وزير المالية التركي بيرات البيرق، صهر رئيس النظام رجب أردوغان، بعد إقالة رئيس البنك المركزي مراد أويصال، فمن لا يقتنع إلا بالأرقام عليه رؤية منعكساتها على السياسة والسياسيين المقربين من النظام.
منْ يريد أن يهزّ تركيا في هذا الوقت الضائع من عدم اليقين الدولي، ما بين تسليم دونالد ترامب وتسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن لمقاليد الحكم في أمريكا، فروسيا أعطت تركيا كل ما هو ممكن، وأوروبا غير سعيدة قدمت لها ما تريد، وأمريكا سمحت لها بأخذ كل ما تريد باستثناء شوكة أرادتها في حلق تركيا، أي الورقة الكردية لضمان إبقائها تحت جناح حلف شمال الأطلسي؟!
كل ملفات وأزمات المنطقة لأنقرة أيادٍ سوداء فيها من سورية والعراق وليبيا في الجهة المقابلة على المتوسط إلى شمال تركيا في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، هذا التطاول في العلاقات الدولية والاستطالة التركية لأغلب الملفات في منطقة الشرق الأوسط والقوقاز جعلا لتركيا أعداء كثراً، علماً أن ذلك كان محاولة لاستثمار التناقضات بين القوى العظمى وخاصة روسيا وأمريكا، لكن اللعب على التناقضات الدولية يقترب من نهايته، فهذا التأرجح التركي على حبل الخلاف الروسي – الأمريكي، هو وضع غير مريح لكلتا الدولتين روسيا وأمريكا، وخاصة موسكو التي تعاملت بشفافية مع أنقرة.
دول كثيرة وأهمها أوروبية ترغب بفتح الحساب مع تركيا على سلوكها في عهد دونالد ترامب، لكن تشديد العقاب لايزال متوقفاً على كيفية إخراج وبلورة الرئيس المنتخب جو بايدن لتعليمات «الدولة العميقة»، بخصوص تركيا التي بعرف الغرب أنها تمادت بشأن صفقة « إس 400» مع روسيا، إضافة إلى سلوكها بالاستفزاز المستمر لأوروبا باللاجئين وفي ملف الصراع على الغاز مع قبرص واليونان.
فتح الملف التركي على مصراعيه من جانب الدولتين العظميين روسيا وأمريكا، سيضع أنقرة على مفارق قاسية بشأن الاختيار ما بين روسيا والأرجح العودة لمظلتها الأطلسية، لكن روسيا في أغلب الظن ستبقي الاختيار التركي في موقف المتأرجح، حيث ستكظم غيظها وتبقي على شعرة الود مع تركيا والمحافظة على تركيا ووضعها في موقف المحرج، ويأتي الصبر الروسي بسبب استحقاقات دولية لم تتكشف بعد في ملفات عدة في المنطقة والعالم.
وتبقى أهم نقاط قوة أي نظام كتركيا هو الاقتصاد الذي مفاتيحه بيد واشنطن، فمن يريد هزّها من الداخل عليه بالاقتصاد، والنظام التركي صنع الكثير من الأعداء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار