النصّ والعنف المتبادل

ثمّة نصوص كثيرة, لدى مختلف الجماعات البشرية, تمارس سلطتها القصوى على الذين يقرّون بها، بما في ذلك ما تقرّه، وتحضّ عليه بخصوص ممارسة العنف الأقصى ضدّ الآخر، أيّاً كان ذلك الآخر الذي يمكن أن يكون شظيّة من شظايا الذات.. والواضح في هذا السياق أنّ هذه النظرة إلى الآخر لا تزال قائمة، ولا تزال تمارس سلطانها العنيف على الجماعة التي أنتجت النصّ لكي يقولها ويعبّر عنها خلال مختلف مراحل التاريخ.
غير أنّ هذه الممارسة العنيفة التي يجريها البشر ضد البشر، مدعومة بالزعم البشري الذاهب إلى صدورها عن نصوص بذاتها ليست ممارسة أحادية الجانب، فالبشر أيضاً يمارسون عنفهم الخاصّ ضد مختلف النصوص, بما في ذلك نصوصهم المقدّسة ذاتها, والعنف البشري قائم في قسر النصّ وإجباره على قول ما يمكن أن يكون خارجاً عن مقاصد النصّ. ولا يغيب عن الأذهان أنّ الاختلافات القائمة ضمن النص الواحد ذي المرجعية النصّية الواحدة مصدرها القراءات والتفاسير المختلفة للنصّ الواحد. ولا أدلّ على ذلك من الذهاب إلى عدّ القراءة المجهورة للنص الواحد تفسيراً محدّداً للنصّ؛ وهو ما يذكّرنا بالتمارين التي كان المسرحي الروسي (ستلانسلافسكي) يجريها لتلامذته الذين يجب على كلّ منهم أن ينطق عبارة التحيّة بالروسيّة بستّ وأربعين طريقة مختلفة، على كلّ طريقة في نطق عبارة التحيّة المكوّنة من كلمتين أو ثلاث كلمات أن تطرح دلالة مختلفة كلّ الاختلاف عن الدلالة التي يطرحها النطق الآخر.
وعندما يصل التفسير إلى درجة التأويل، يبلغ العنف البشري بالنصّ حدوده القصوى بحسب الفيلسوف الألماني هايدغر: “العنف بالنصّ هو تأويله لا المطابقة المزعومة التي استبدّت بالعقول. العنف هو استخراج المحذوف. وحقيقة العمل هي ذلك الجانب الذي يبرق ثمّ يختفي”. وصار من التلقائي في الدراسات الأدبية والنقد أن يجري التعامل مع النصّ بوصفه مكوّناً من مستويات عدّة يكمن بعضها في الفراغات والمساحات المتروكة عمداً لكي يملأها القارئ؛ ولا يوجد ما هو أخطر من أن تقع النصوص التأسيسية بين أيدي أشخاص عنيفين يمارسون فظاعاتهم العنيفة ضد نصوصهم التي يجبرونها على أن تقول ما يرغبون، وتقويلها كل الذي لا تقول.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مؤتمر جمعية عمومية القدم لم يأتِ بجديد بغياب مندوبي الأندية... والتصويت على لا شيء! الرئيس الأسد يؤكد خلال لقائه خاجي عمق العلاقات بين سورية وإيران وزير الداخلية أمام مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات: سورية تضطلع بدور فعال في مكافحة المخدرات ومنفتحة للتعاون مع الجميع الرئيس الأسد يؤكد لوفد اتحاد المهندسين العرب على الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمات والاتحادات العربية عقب لقائه الوزير المقداد.. أصغير خاجي: طهران تدعم مسار الحوار السياسي بين سورية وتركيا العلاقات السورية- الروسية تزدهر في عامها الـ٨٠ رئاسيات أميركا ومعيارا الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي.. ترامب أكثر اطمئناناً بانتظار البديل الديمقراطي «الضعيف».. وهاريس الأوفر حظاً لكن المفاجآت تبقى قائمة دور المرأة المقاومة في تعزيز الانتماء وتحصين الهوية الإنهاك الحراري.. خطوات سريعة لتبريد الجسم ونصائح للوقاية في حرارة الصيف المرتفعة في قراءة للمرسوم التشريعي لذوي الإعاقة.. المحامي الداية: المرسوم مهم جداً بدليل إحاطته بأدق التفاصيل اليومية لهذه الشريحة.. وسيحقق الأهداف المرجوة شريطة تطبيق العقوبات للمخالفين