كنت أتحدث مع بعض الأصدقاء عن متانة النظام الصحي في سورية .. هذا البناء الذي بدأ جدياً عام 1986 مع بداية أول حملة تلقيح وطنية تمت بمشاركة القائد المؤسس حافظ الأسد .. بعدها توالت عمليات البناء أثناء تولي الدكتور محمد إياد الشطي لوزارة الصحة؛ من التوسع في إحداث وتجهيز المراكز الصحية والنقاط الطبية ومنظومة المشافي -و خاصة التخصصية منها- إلى إحداث مخابر وزارة الصحة والتوسع في إحداث معامل الدواء, وإحداث المجلس العلمي للصناعات الدوائية الذي تولى مهمة مراقبة إنتاج هذه المعامل ومطابقتها للمواصفات العالمية وإخضاع هذه المعامل لقواعد التصنيع الجيد للدواء ,وفق دساتير التصنيع العالمية خاصة منها الألمانية, حيث وصل إنتاج هذه المعامل إلى ما يفوق 95 بالمئة من حاجة سورية للدواء, إضافة إلى تصدير هذا الدواء إلى أكثر من 70 دولة في العالم, وكان مهماً جداً لاكتمال هذا النظام إحداث منظومة الإسعاف التي تزامنت مع توسعة وتحديث أقسام الإسعاف في المشافي القائمة ..
هكذا تم بناء هذا النظام الذي استمر من عام 1986 وحتى عام 2002 ..
كان ينقص اكتمال هذا النظام البحث العلمي ( الصحي أو الطبي أو الدوائي) .. لا فرق .. المهم أن يكون هناك منهج للبحث العلمي يكمل هذا البناء, ولأن هذه السؤولية كانت ومازالت على عاتق وزارة التعليم العالي التي ( ألصق ) بها مؤخراً البحث العلمي ..
إن كليات الطب والمشافي الجامعية التي هي مدارس لتعلم وتعليم الطب بمختلف الاختصاصات الطبية لم تقدم بحثاً علمياً واحداً يخص مرضاً ما .. أو فعالية دواء ما لهذا المرض أو ذاك ..
وللعلم إنه منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي تم تخصيص موازنات للبحث العلمي وفي كل المجالات .. ولأن سورية هي الأولى فعلاً في مجال تقديم الخدمات الصحية والعلاجية على مستوى دول الإقليم, مع بعض التحفظ على رأينا في تقديم الخدمات الطبية لناحية تراجعها , كالدواء المجاني في المشافي مثلاً, لكننا أحوج اليوم إلى تكامل النظام الصحي ( بفرض ) البحث العلمي الطبي الذي هو في صلب عمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ..
ما أثار هذا الموضوع هو قيام وزارة التعليم العالي بالتعميم على كليات الهندسة الكهربائية والميكانيكية والهندسة الغذائية لإجراء دراسات لتطوير خطوط إنتاج الخبز والخميرة .. وتناست أننا في زمن كورونا .. الحد الفاصل بين الحياة والموت .. وكأن هذا الأمر لا يصلح لأن يكون موضوعاً مهماً في تعاميم الوزارة .. !!؟