في ثمانينيات القرن الماضي كنا في محافظة درعا نزرع البندورة ونسلمها إلى شركة الكونسروة بعد حصاد المحصول ونقله بشاحنات إلى معمل الكونسروة في المزيريب ,مقابل ليرتين للكيلوغرام , ومن كثرة الإنتاج فإن المعمل في كثير من الأحيان يقوم بدفع قيمة المحصول للمزارع ويطلب منه أن يتصرف بالمحصول حسبما يشاء، فكان الكثير من أصحاب المحاصيل يأخذون قيمة المحصول ويقومون برميه في فسحة ما أو على جوانب الطرقات حتى كادت رائحة البندورة المرمية تزعج المواطنين.
والآن وصل سعر كيلو البندورة في محافظة حوران إلى نحو 1200 ليرة للكيلوغرام ,أي إنها أغلى من سعر الموز والفريز وجميع أنواع المحاصيل وأين؟؟… في محافظة درعا (أم البندورة ) وذات الشهرة الكبيرة في زراعة هذا المحصول من ناحية الكمية والجودة, وطبعاً في كلتا الحالتين هناك خلل ما، هذا الخلل يكمن في عدم وجود خطة زراعية عند مديريات الزراعة بحيث تتناسب مع احتياجات المواطنين مع هامش قليل في زيادة الإنتاج ممكن أن يعد للتصدير أو هامش قليل في نقص الإنتاج ممكن أن يرفع أسعار المحصول بشكل طفيف, ولكن ما يحصل عندنا أن هناك تفاوتاً كبيراً جداً وغير منطقي بحيث وصل سعر كيلو الثوم في إحدى السنوات إلى 5000 ليرة وفي العام الذي يليه تراجع إلى 20 ليرة وكذلك بالنسبة لجميع المحاصيل النباتية والحيوانية، وهذا يعني أن هناك خللاً ما في قطاعنا الزراعي يجعله غير ثابت في عملية الإنتاج وتتراوح زيادة الإنتاج ونقصها إلى ما بين 200 بالمئة و30 بالمئة, لذلك لابد من إعادة تأهيل وصياغة خططنا الزراعية بشكل مدروس وعلمي وحقيقي وليس بشكل غير صحيح ومجرد أرقام على وسائل الإعلام، وأعتقد أن هناك الكثير من الخلل أيضاً في عملية نقل المحاصيل من المزارع إلى المستهلك مباشرة ,حيث يتخلل ذلك الكثير من الوسطاء والعقبات والسمسرة والصعوبات في عملية النقل وسبق أن ذكرنا كل ذلك، وأعتقد أن تجربة محافظة ريف دمشق بافتتاح أسواق شعبية شعارها (من المنتج إلى المستهلك مباشرةً) قد لاقت نجاحاً كبيراً وبالتالي لابد من تعزيزها والقضاء على طبقة السماسرة والمحتكرين… ودمتم