ما بعد الحقيقة ..!

هل هناك تواطؤ مابين من يتمنطقون بالأدبيات السياسية وصناع السياسة على الساحة الدولية؟ سؤال قد يرده البعض لخانة طوباوية بعيدة عن مرتكزات العلوم السياسية! إلا أننا ولو تبصرنا في نشأة تلك العلوم لأدركنا مرجعيتها العائدة لثقافة شعوب في حروبها ومن ثم سلامها هي المسبب الرئيس لمخاض فكري تحت مسمى القانون والتشريع والذي منه كانت الفلسفة السياسية بتنوع فكرها وأسماء مفكريها، ولطالما كانت العلوم الفيزيائية بشهرة نتائج العالم إسحاق نيوتن تشكل رافداً مهماً في الأبحاث الفلسفية الحديثة في كبرى الجامعات العالمية، نستطيع أيضاً أن نؤطر الفكر السياسي وتبعاته بعنوان فلسفي يحمل بين طيات استفهامه بعداً طوباوياً لحين تجلي الحقيقة، والحقيقة بمعناها اللغوي لا تلوثها اجتهادات بعض الساسة المفكرين الذين طرحوا مصطلحات جديدة من قبيل (ما بعد الحقيقة)، مصطلح تم إيداعه معجم أكسفورد وتعريفه على أنه مصطلح يأتي في: “سياق أو وصف الظروف التي تصبح فيها الحقائق الموضوعية أقل تأثيراً في تشكيل الرأي العام من الشحن العاطفي والمعتقدات الشخصية”. ومابين المصطلح الجديد ونظرية “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” بات السؤال (ما علاقة الممتهنين للفلسفة السياسية بصناع السياسة) مشروعاً! مصطلح “ما بعد الحقيقة” بحقائقه الموضوعية (القضية الفلسطينية مثال) هل من الممكن تغييبها آنياً عن الرأي العالمي؟ على حد زعم المتمنطقين سياسياً (يمكن)، وهذا الجواب هو طموح معرفي ينتهجه صناع القرار في كبرى القوى العالمية، فإلى أي حد استطاعوا تحقيق تلك النتيجة على الساحة العربية؟ وإن تمكنوا من تقييد عقول بعض حكام الأنظمة العربية وتلقينهم “ما بعد حقيقة” إمبريالية منشودة، هل تمكنوا من تعميم المصطلح في فكر شعوبهم؟ فالكيان الصهيوني بعوامل ظروفه التي أنتجته ذات “وعد” ومعاهدات إجرامية متفق عليها –ولا يزال- ليكون قاعدة هيمنة ومصلحة وجودية لكبرى الدول الغربية، ولدول عربية ارتضت الارتهان للأجندات الصهيو أمريكية! لتفعيل السيطرة الغربية الاستعمارية وتحقيق مخططاتها الاستغلالية في المنطقة، ولتكون فوضى ما يسمى(الربيع العربي) بجعبة مخططاته وفيه من بنود “طموحاته” التأثير على الشعوب العربية و”نشل” القضية الفلسطينية من باب مسلماتها إلى باب الغفلة الآنية، بند استغلته بعض الأنظمة العربية ومؤيدو التطبيع مع الكيان الصهيوني وبعض الكتاب والسياسيين العرب الذين ركبوا موجة (القضية ليست قضيتنا) ومابين (الغاية) المتربصة في نفوس بعض الحكام العرب للتحرر من مسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ومابين (الوسيلة) مغالاة إعلامية ودعم مالي كبير وصلت حد استملاك بعض العقول العاملة في المجال الفكري والفني واستمالة شبكات التواصل الاجتماعي وتلويث المجال الفني (أفلام ومسلسلات) تسعى لنتيجة واحدة هي قبول التطبيع! إلا أن الصفعة الأقوى تلمسها (قواد) ومستشارو صناع السياسة الصهيو أمريكية بأن الشعب العربي رغم كارثية الفوضى الهدامة وتأثيرات “الربيع العربي “مازالت غالبيته تلفظ الكيان الإسرائيلي وتقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتتسلح بثقافة الممانعة الشعبية العربية وبأن القضية الفلسطينية ستبقى الطوبة الأساس والعنوان الرئيس في الوجدان العربي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار