يكاد لا يمر يوم إلا ونسمع فيه آراء، واجتهادات ودراسات، ووجهات نظر جميعها تصب في (جعبة المواطن) مقدمة أشكال مختلفة، وحلول متنوعة لتحسين مستوى معيشته، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية يكاد ينعدم فيها كل حلّ، أو ترجمة أي مقترح ودراسة على أرض الواقع نتلمس من خلالها بعض التحسين، وهذه الظروف تحكمها معادلات حرب السنوات العشر الماضية، وتدمير معظم مقوّمات المكوّن الإنتاجي، والحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة، واليوم وباء كورونا وحالة استجماع القوى والإمكانات لمكافحته
..!
لكن بالنظر لهذه الدراسات والاجتهادات، والآراء المتفقة في طريقة التعاطي لحلول تحسين المعيشة، والمختلفة في نظريات التطبيق التي توصلنا إلى الهدف هم متفقون بالإطار العام من حيث المضمون والهدف (تحسين المعيشة) التي يسعى إليها الجميع، فمنهم من يراها في تخفيض الأسعار، وآخرون يرونها في اقتلاع جذور الفساد من المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص قبلها، وكل ما يتصل بحياة المواطن اليومية..!
وفي قراءة بسيطة لكل ما تقدّم من آراء وحلول لتحقيق الهدف جميعها تحمل عناوين ومبررات صحيحة واجبة التنفيذ، لكنها تفتقد إرادة التطبيق، والجدية بالتنفيذ، والقدرة على التعامل معها وفق برامج مدروسة بخطوات متلاحقة تترجمها ظروف كل مرحلة، تتبناها قرارات حكومية تفقدها حسابات الشكل وتبقي على مضمون الهدف.
وهذا لن يتم بالحل الاعتيادي الذي يخطر في بال الجميع (زيادة الرواتب والأجور)، وإنما في محاربة النمو السريع لطبقة المستغلين من التجار، و«حرامية» الأسواق، ومن يشدّ أزرهم من ضعاف النفوس في المفاصل الحكومية، ويترجم لهم ثغرات الإجراءات، وضعف بعض مواد القانون..!
والأهم ضرورة العمل على إيجاد أدوات نظيفة في الجسم الحكومي لتتمكن من امتلاك أدوات المكافحة وفق اتجاهين: الأول تنظيف معشر التجار وفسادهم الذي يطول الكثير من الموظفين في الدوائر الحكومية، وخاصة المؤتمنين في العمل الرقابي، والثاني باتجاه القطاع الإنتاجي والبحث في آلية تخفيض التكاليف الإنتاجية، واتخاذ القرارات المناسبة التي تسمح بضمان وصول مواد أولية ومستلزمات للمنتجين تساعدهم في تخفيض تكاليف إنتاجهم، ولاسيما أجور النقل، ومنع حالات الابتزاز، وتقاضي الرشا، وضبط حلقات الوساطة التجارية، وزيادة حجم التدخل الإيجابي للدولة، كل ذلك يؤمّن حالة تحسين مستوى معيشة جيد من دون زيادة في الرواتب.. لكن نحتاج إلى إرادة في التطبيق..!