لا اعتقد انه من الحكمة اشغال الحكومة مجتمعة بمناقشة موضوع التهريب .. لأن هذه المهمة يفترض انها في اولوية الاولويات بالنسبة للجمارك والقوى الامنية والشرطية وفي صلب عملها
.. اذ ان مجرد توجيه السيد رئيس مجلس الوزراء في جلسة الحكومة يوم الاحد الماضي لوزارتي المالية والداخلية بضرورة ضبط التهريب خاصة للمواد الغذائية يؤكد اولا : انه اعتراف حكومي بتفشي ظاهرة التهريب الى حد بات يستنزف الاقتصاد الوطني فعلا وبالتالي غذاء الناس وأيضا اعتراف بتقصير الجهات المعنية في مكافحة هذه الظاهرة وأولها الجمارك .. وهنا لا بد من التعريج على مفارقة مهمة جدا طالما نتحدث عن ( التفشي ) كيف انه بتعاون كافة الجهات الحكومية والأهلية تمت السيطرة تقريبا على فايروس كورونا ومنعه من التفشي .. وهو فايروس لا يرى بالعين المجردة .. بينما قوافل التهريب تفقأ العيون ولا احد يحرك ساكنا لمنع تفشيها ..
ويعني ثانيا : ان ماقيل عن تهريب كميات كبير .. وما يتم تهريبه ايضا من الخضر والفاكهة والابقار والاغنام والدجاج والبيض قد وصل الى آذان الحكومة ونظرها .. ما استدعى اشغال الرأي العام و كل اعضاء الحكومة في مناقشة هذه الظاهرة التي .. يفترض .. اذا ما توفرت ارادة حقيقية لدى ادارة الجمارك .. أنها لن تكون ..
السيد رئيس الحكومة يطلب تعاون المواطنين في الابلاغ عن ( التهريبات ) علما ان لدى الجمارك الكثير من المتعاونين الذين يقدمون لهم المعلومات .. و حتى لو لم يكن ذلك فأن التهريب يتم من معابر غير شرعية تعرفها بدقة دوريات الجمارك والمفارز الجمركية والامنية وتعرف احداثياتها وامرائها ايضا .. ويكفي لمنع .. نعم لمنع التهريب وجود دوريات ثابتة على هذه المعابر غير الشرعية على ان تكون مشتركة ( من المالية والداخلية ) وتزويد هذه الدوريات بكامل الصلاحيات التي من شأنها ان تحميها من ردة فعل سلبية من بعض ( الامراء ) التي تهدف الى الايقاع بهذه الدورية او تلك ..
السيد رئيس الحكومة : في اول اجتماع لكم مع ادارة الجمارك الحالية بعد توليكم رئاسة الحكومة .. لم يخفى اعجابكم .. وهذا واضح في تصريحكم آنذاك .. بالاجراءات التي تتخذها ادارة الجمارك في ( حماية الاقتصاد الوطني ) .. فهل هذا الاعجاب مازال موجودا خاصة بعد تفشي ظاهرة التهريب التي ادت الى افراغ السوق الداخلية تقريبا من كل المواد الاساسية اللازمة لحياة المواطنين .. او ارتفاع اسعارها الى حد يفوق قدرة المواطن على تأمين الجزء اليسير منها ..!!؟
تقول الحكاية ان حي بن يقظان الذي ارضعته ظبيه حسب رواية ابن طفيل عاش في كنف تلك الظبية و بقي وفيا لها ويدافع عنها .. فما بالكم بمن منحته الدولة القابا وصلاحيات .. وامانة واساطيل من الاليات لصون اقتصادها .. ولم يفعل .. !!؟