أعجن اللغة يومياً مع خميرة الخيال لأُنضِجَ نصّاً مزركشاً مبهجاً مثل فطائر الصاج التي كانت ترسمها أمي في الصباحات الهانئة, وأخبز الكلمات كما أشتهي كي لا أصاب بوجعٍ في المخيّلة, بل خشية أن تصابَ ذاكرتي بنزلة بشاعةٍ قاتلة أو بنقصٍ حادّ في فيتامينات الجَمال وكالسيوم التفاؤل.
ولأن الدنيا رمضان كريم وزحمة مسلسلات و(عجقة) دراما وإعلانات غذائية مع برامج طبخ تملأ الشاشات وكلٌّ يغنّي على ليلاه… قررت أنا أيضاً أن أدلل نفسي بطبخةِ فانتازيا (عرمرمية):
وهكذا وضعت (أوقيتي) انشراحٍ كنت احتفظت بهما مما قبل زمن (الكورونا )الملعونة تحسّباً لهذا الوقت العاطل, وأضفت القليل من مسحوق الدجاجة الباكية على حالها وحالنا بعدما سمِعتْ ورأتْ ما حلّ بالفقراء الذين يكادون يكفرون لولا ما تبقّى لديهم من إيمانهم البسيط العميق… ثم رششتُ رشّة تراجيديا مجفّفة لكنْ, ولأنها تسبب حرقة في المعدة وحساسية في العيون بسبب ذرات الحزن السوداء المختزنة فيها, عادلتُ المزيج كله بملعقة (أمل بشهدو) كي لا ينتهي بي الأمر فأخلط الدموع مع كل لقمة سآكلها حين أنتهي من تحضير وجبة الموسم الخارقة… وأخيراً و(بذوق الأمير الرفيع وصبر الحصان المُعَدّ لمنحدرات الجبال) عدت إلى فقاعة عزلتي الورديّة.
وكي أنجو من مخالب الأفكار الواقعية التي كلما رأتني منشرح البال تعيدني بلؤمٍ إلى واقع الغلاء ويوميات القهر العاري وعويل الناس في (الطرقاتي) وبعض المسلسلات(السخيفاتي) وأخبار التصدّي ( للكوروناتي)… وبنصيحةٍ من صديقة مولّهة بالرقص حتى لو كان (رقصاً مع الذئاب) أو رقصاً على حافة الهاوية وضعتُ أغنية (الزهزهة) وصرت أرقص مع (أناي) المنعكسة في المرآة وأنا أغني على أعلى مقياس ريختر: (سُكّر مِحلّي محطوط على كريمه/كعبك مِحنّي والعود عليه القيمة)…
فيما مزيج طبختي النادرة ينضج على نار الشوق واللهفة.
تفضّلوا أمانة.