كتبتُ وكتب غيري عن حال الأسواق.. حتى تعبتْ أقلامُنا وكعادة المعنيين «أذن من طين وأذن من عجين»، لذلك.. لن أكتب اليوم عن عمليات الغش لأنها أصبحت أمراً شائعاً في أسواقنا، ولن أكتب عن عمليات التقليد والمخالفات العلنية التي يقوم بها بعض ضعاف النفوس التي تحولت إلى تجارة رابحة من دون وازع من ضمير.. ولن أكتب عن المواطن الذي أثقل الغلاء حاله.. ولن أكتب عن ضبابية المشهد في القرارات الارتجالية.. ولن أكتب عن الغلاء الذي وصل حداً خيالياً لا مبرر له سوى الطمع والجشع.. وعن تجاهل الجهات الوصائية لمعظم التجار الذين يسيؤون للوطن والمواطن.
لكن يحق لنا نتساءل ونطالب بأن يقوم أحد المسؤولين (ممن يهمهم الأمر) بأن يفسر لنا فوضى الأسعار وما يصاحبها من استغلال وهدر لكرامة المواطن؟! وماذا عن قرار تسعير السلع والمواد الغذائية الصادر عن الجهات الوصائية الذي يعتبر هو المشرع الأول للغلاء؟.. وماذا عن تسعير الليمون – مثلاً- في صالات السورية للتجارة بـ1500 ليرة؟، وعلى المقلب الآخر ماذا عن السيناريوهات والعناوين العريضة التي تعلو فيها صيحات الجهات الوصائية على استحياء بأن هناك رؤى جديدة مفادها ضبط الأسواق بيد من حديد وإحداث تغييرات جوهرية تنسجم مع الوضع الراهن لأصحاب الدخل المحدود؟.
ما يجري على مسرح الأسواق يؤكد أنه لم يعد الوقت يسمح للتهاون، أو أن تدار الأسواق بمزاجية وبلا ضوابط.. ما يحدث يؤكد أن هناك خللاً، وإلا من الذي يمنع الحكومة من تنفيذ قراراتها؟!! وهل المال أصبح هو السلطة حقاً؟!!.
واقع أسواقنا يستدعي تدخلاً اقتصادياً فورياً من الحكومة، تلزم التجار بتطبيقه، لأن أي قرار اقتصادي اليوم يجب أن يأخذ في الحسبان مصلحة المواطن أولاً وأخيراً!.
هنا مفصل القضية.. هل يُعقل أن يبقى التاجر سيد الموقف؟ على الجهات الوصائية أن توضح لنا الكثير من التساؤلات.. أهمها من هو السند الحقيقي لهؤلاء الحيتان؟!!.. وأين نحن من هذا؟!! إلى متى ستظل قراراتنا ضعيفة وهزيلة؟ وإلى متى نتجاهل أن نواجه أخطاءنا؟ أم سنبقى كما قلنا أصحاب «أذن من طين وأخرى من عجين»؟!!.