مكره أخوك..!!
عود على بدء في موضوع الأسعار وفي هذه الحالة وأمام أسعار (كورونا) على اعتبار أنها فرضت نوعاً من الاستغلال الأبشع من قبل بعض التجار للحالة الإنسانية التي تحكم في الموضوع، يبدو العود حينها «ليس بأحمد» مع استفحال وتضخم الحالة لدرجة أن الوضع معها بات كمن ينفخ في قربة مثقوبة، وشرخ في جيوب الناس لا يمكن مداواته.. ولم تعد تنفع معه كل الإسعافات الأولية من إنذار وتنبيه للفعاليات التجارية من قبل مديريات حماية المستهلك، وحتى الجراحة المتمثلة بالإغلاق والتشميع بالأحمر، وحتى بالإحالة موجوداً للمخالفين للأسواق والأسعار للقضاء.
تبدو مسرحية تنتهي فصولها بعد حلفان اليمين ودفع المعلوم على أرواح المستهلكين من شرائح المجتمع كافة، والضحية دائماً أصحاب الدخول المهدودة وليس آخراً.. تلك الشرائح التي لا تملك أي دخول ثابتة من أصحاب الأعمال الحرة وفي أغلبيتهم غير مشمولين بأية برامج اجتماعية أو مظلات تأمينية تحميهم من تقلبات الجو صيفاً أم شتاء، وحتى برامج الشؤون الاجتماعية والعمل في منح بدل تعطل عن العمل في ظل إجراءات التصدي لـ(كورونا)، ولن تطولهم بشيء طالما أنها ستخضع لمعايير أولها وثيقة عامل، أو ما يثبت أنهم منتسبين لنقابات العمال المختلفة.. حينها ليس لهم سوى رحمة الله..
– تشير مختلف الدراسات إلى أن أساليب العقاب لمخالفي الأسواق ومرتكبي جرائم الغش في الأسعار والمواصفات من الآليات التي عفى عليها الزمن، ولم تعد تجدي الغرامات والإغلاق للمحال التجارية المخالفة في ردعهم، وبات المستفيد الأكبر الخزينة من إيراداتها على حساب المستهلك.
وللأسف تبدو آليات تسعير المواد والسلع من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بعيدة جداً عن المنطق وخصوصاً في ظل ثبات أسعار تمويل المستوردات بالقطع الأجنبي، وتبدو أنها تلحق بالأسعار التي يفرضها التجار وتستند إليها، بما يشرعن التضخم ويغطي التجار وعربدتهم، حتى باتت الليرة في الحضيض ولم تعد قادرة على الصمود في وجه حيتان السوق ومن يغطيهم في ظل صمت آليات النقد والتسليف على ما يحدث، وعدم الوقوف في وجه من يُسعّر النار وفوران الأسعار التي تأكل النقد وتشويه على مرأى ومسمع من الجميع، بما يشعرك بعدم التنسيق فيما بين الجهات المعنية في ضبط معزوفة «النشاز» لما يعزف.. وما على الناس سوى الاستماع والبلع.. مكره أخوك لا بطل!.