مبالغة كبيرة تحصل عند عرض مقدار الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطنين، وهنا يبدو ما لفت إليه السيد الرئيس بشار الأسد خلال خطابه ضمن اجتماعات اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، بأن طغيان الجانب الاجتماعي على الجانب الاقتصادي في آلية عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها سيؤدي بالنتيجة إلى الإفلاس…
بصراحة هذا ما أثبتته السنوات الماضية وبات يعيه المواطن قبل مؤسساتنا، لأنه يقول إن الدعم يقتصر على رغيف الخبز، إذ إن دعم الطاقة يؤثر بشكل مباشر على سعر صرف الليرة، والمبالغ المرصودة لدعم النفط والكهرباء بالليرات السورية تتناقص قيمتها الحقيقية مع ارتفاع معدلات التضخم، وتالياً ما يتم توفيره في المواد المدعومة (على قلتها)، يدفعه أضعافاً في احتياجاته المعيشية اليومية.
لهذا يجب أن تبنى الاستراتيجيات والسياسات الحكومية على التشغيل الأمثل للموارد المتاحة وهي كثيرة، وألا تنصب الجهود على تغطية عجز الموازنة لأن هذا سيبقينا ندور في دوامة الدعم وانخفاض قيمة الدخل وارتفاع العجز.
وحتى نحقق الاستثمار البناء لقدراتنا يفترض أن نحصيها بدقة ونرتبها حسب ميزاتها المطلقة والنسبية سواء للعناصر المادية أم البشرية، آخذين بعين الاعتبار أولوية تحقيق أمننا الغذائي، لننتقل بعدها إلى الاتفاق على أسلوب الإدارة الواجب اتباعه لمزج إمكانياتنا المادية والبشرية في معادلة خلاقة تحقق قيمة مضافة لاقتصادنا وتخرجنا من الحلقة المفرغة التي وصلنا إليها.
هنا يأتي دور التشريعات والقوانين التي ترسم الخط الدقيق الذي يجب أن نسير فيه لتحقيق التوازن بين القواعد الاقتصادية والقواعد الاجتماعية، وذلك عن طريق تأمين بيئة عمل واقعية تحرض على الإبداع والإنتاج، لا يشوبها الفساد والترهل الإداري.
لذلك يجب أن يهدف الدعم الذي تقدمه الدولة إلى تنشيط الاقتصاد، وفتح جبهات عمل للجميع، مع تأمين شبكة حماية اجتماعية للطبقات الهشة غير القادرة على العمل لأسباب صحية أو عقلية أو جسدية، فالتركيز على دعم مادتين أو ثلاث مواد أساسية سيوصلنا إلى حائط مسدود يبنيه الفاسدون الذين يسرقون النسبة الأكبر من مبالغ الدعم، بدليل ما يتم الإعلان عنه يومياً من ضبط لسرقات الدقيق التمويني والمحروقات واختلاسات.