لا تزال مشاهدة أي صناعي يعرض بعض منتجاته على قارعة الطريق في أسواق مدينة حلب بعد أن كان صاحب «صولة وجولة» تثير شجوناً كثيرة، لكونه يشير إلى حال الصناعة الحلبية المنهكة تحت لكمات الحرب الشديدة، التي زاد ضررها هجرة 3500 صناعي وتاجر من أصحاب الرساميل الكبيرة من العائلات الحلبية المعروفة، التي تغيب عن المشهد اليوم لصالح أثرياء جدد ولدت ثرواتهم من رحم الحرب.
دخول مناطق صناعية جديدة إلى دائرة الإنتاج وإن استلزم ذلك عدة أشهر، وإعادة تشغيل مطار حلب الدولي يؤذنان بعودة الصناعيين الكبار وضخ أموالهم في شرايين الاقتصاد المحلي، بدل استفادة دول أخرى من دسمها، وهذا قطعاً يتطلب سلة تسهيلات وإجراءات داعمة تعزز رغبتهم بالرجوع السريع والمساهمة في إعمار الصناعة الحلبية بعيداً عن الخطابات والكلام المعسول، فإن أثمرت النتائج عن استقطاب وجذب أصحاب الملاءة المالية الضخمة بخبراتهم الصناعية الواسعة المشهود لها فسيكون هناك نهوض غير متوقع، وخاصة إذ رافقت ذلك قرارات جريئة تحل مشكلات الصناعيين في الداخل وتدفعهم إلى الإنتاج والتصدير، ما يشكل دافعاً قوياً وأرضية صلبة لعودة نظرائهم في الخارج، ماداموا يرون بأم العين العمل الفعلي على أرض الواقع والإرادة الحقيقية لإنقاذ الصناعة في حلب وتخليصها من قيود وعراقيل «فرملت» عجلة إنتاجها وليس الأمر مجرد كلام. على الملأ، أُعلن عن دعم حكومي «وازن» لحلب وصناعتها مع رفع «الدوز» ضد المتأخرين باللحاق بركب العائدين إلى حضن المعامل المحتاجة ترميماً وإصلاحاً، وقد يجدي هذا الأسلوب نفعاً مجتزأ عبر استقطاب قلة من الصناعيين، لكن النصيب الوافر من المكاسب يتحقق فقط بالتسهيل والترغيب بميزات وحوافز تجذب رؤوس الأموال المهاجرة، وسيصم أصحاب الجيوب الممتلئة آذانهم عن نداءات العودة، فهل هذا ما نريده حقاً بعد «استواء طبخة» الصناعة ووصول «اللقمة إلى الفم» كما يقال؟!