مزيج متجانس

المرء يعيش في حجرتين بذات اللحظة! “تشيخوف” عبَّر عن هذا في قصصه، وصوَّر ببراعته الأدبية الفائقة كيف يقوم المرء بعملٍ وهو بكامل وعيه، بينما، في زاوية من نفسه يفكر بشيء آخر قد لا يكون ذا صلة بعمله الذي يؤديه، وغالباً ما يكون منقطع الصلة بهذا العمل الراهن!
طوال اليوم كنت أقوم بأعمال مختلفة، هي الأعمال الرتيبة التي لا غنى عنها، وأنا أفكّر بكتابة المقال الأسبوعي، الذي تُكتب مقدمتُه في الذهن كأنها تُكتب على ورق، وكانت “الترويسة” الحاضرة بوضوح هي “غيمة جنكيز خان البيضاء”، تلك الرواية “الصغيرة” المستقلة التي أحببتُ أن أعيدها إلى الرواية الأم “ويطول اليوم أكثرَ من قرن” فقد عرفتُ أن الرقابة طلبت من الكاتب “جنكيز إيتماتوف” تعديل أو حذف جزء من الرواية (أقول “أو” لأنني لست على يقين تجاه التعديل أو الحذف) واحتفظ الكاتب بهذا الجزء إلى ما بعدَ تفكك “الاتحاد السوفييتي” ثم أصدره في رواية صغيرة مستقلة، كنت سألقي حولها أسئلة عامة من مثل: هل يمكن انتزاع “ملزمة” من كتاب من دون أن يتأثر هذا الكتاب وما قيمة الملزمة أصلاً إذا تم حذفها من صلب كتاب؟ وفي هذه اللحظة اشتبه عليّ أمر: هل انتُزعت من ” ويطول اليوم أكثر من قرن”؟ أم من رواية “النطع”؟ وقبل أن أتأكد عزمتُ على الكتابة عن تناول الروائي لسلوك “الجمل” في الرواية الأولى، وكم كان مذهلاً حين وصف طباع هذا الكائن الصحراوي وسلوكه، وأيّ دراسات دقيقة قام بها ليضعه بين أبطال الرواية حتى عرفتُ أن أصل اختصاص الروائي هو الزراعة، وآلياً ذهب ذهني إلى رواية “النطع” وتساءلت ما الذي أدخلها في شكوكي وخلط بينها وبين الرواية الأولى من دون رواياته المشهورة: “وداعاً غوليساري” و”الكلب الأبلق الراكض باتجاه البحر” و”جميلة” و”شجيرتي في منديل أحمر”، لكن ذاكرتي توقفت عند الصفحات الخمسين الأولى من “النطع” وكم كانت باردة ومملة وفيها كان يغازل “الكيان الصهيوني” ويحاول أن يجد له تبريرات إنسانية بعد الاستيطان في أرضنا، وهو ما لا يُغتَفَر عندنا كقراء، وسمعت من روائي عربيٍّ جواباً بسيطاً على سؤالي: -مثلُه يغازل لجنة “نوبل” للآداب! كان ذلك بعد “البيروسترويكا” التي قوّضت عالماً بأكمله، لم أقرأ قبلها رواياتٍ روسية تمجد الظلم والإجحاف بحق شعب سُرقت أرضه وشُرّد شعبه وما زالت محاولة إبادته مستمرة!
لم يتفكك المزيج الذي غام في ذهني، لكنه حفّزني على العودة إلى عناصره فيما بعد وأنا أشدُّ تركيزاً!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع «أصوات ملونة» انطلاقة جديدة لأحلام كبيرة.. طلاب يقدمون الغناء الأوبرالي من مختلف الثقافات