«فوق القانون»

أكثر من 30 سيارة حكومية كانت تصطف على الدور لتعبئة مخصصاتها من البنزين في محطة وقود شارع بغداد, وطبعاً السيارات الحكومية تخصص للمديرين والمسؤولين، ولكن بين الحين والآخر تخترق الدور والنظام سيارة فارهة, يترجل منها إنسان «مو شايف حدا بالمرة» «يفلل» سيارته ومن ثم ينطلق من دون أن يلتفت يمينه أو يساره، ثم تأتي سيارة «بيك أب دبل كبين» تخترق الدور بوقاحة أكثر من السابقة ويترجل منها «بني آدم» مفتول العضلات والشاربين وعاقد الحاجبين يلتفت إلى المديرين الذين ينتظرون دورهم للتعبئة وكأنه ينوي اختيار أحدهم «ليعملّوا قتلة»؟!! «يفلل» سيارته وينطلق «تشفيطاً»؟! هذه الظاهرة تتكرر كل يوم آلاف المرات وفي آلاف الأماكن في الدوائر الحكومية وفي الجامعات وأمام شعب التجنيد وأمام المخابز والمشافي ووووالخ، القوي يأكل الضعيف والعدالة الاجتماعية تتهالك والمواطنون يفقدون الثقة بكل شيء.
طبعاً هؤلاء الذين يعدّون أنفسهم فوق القانون، يستطيعون بالأساليب نفسها الالتفاف على دفع الرسوم والضرائب والجمارك والنفقات والواجبات، والدافعون لهذه الضرائب والنفقات والرسوم والواجبات والجمارك فقط هم المواطنون تحت مظلة القانون الذين تُطبّق عليهم الأنظمة بكل شفافية وتفاصيل مملة وقراءة مابين السطور…الخ، والخطير في الموضوع أن أولئك منتهكي القانون تضاعف عددهم في فترة الحرب القذرة على سورية، وأصبحوا يؤثّرون في الواقع الاقتصادي والمعيشي والتنموي للمجتمع بشكل عام، وتتم تغطية نفقاتهم وسرقاتهم وتجاوزاتهم من حساب المواطنين وهذا يشكل عبئاً ثقيلاً جداً على حساب المساكين من دافعي الرسوم والضرائب والجمارك الذين تُطبّق عليهم الأنظمة والقوانين بكل شفافية وعبرة، مع إن الحكومة بكل قوتها تحاول أن تتجاوز هذه العقبة بوسائل مختلفة، ولكن الحمل ثقيل وكان الله في عونها وعون أجهزتها في هذه الظروف العسيرة… متى سنتعلم جميعاً دروس هذه المأساة التي نعيشها ونصبح كلنا تحت سقف القانون؛ صغيرنا وكبيرنا, عالمنا و«درويشنا» مسؤولينا ومواطنينا؟
يقول عزيز سنجار أحد العلماء الذين حازوا جائزة نوبل في الكيمياء 2015:
قالت لي زوجتي: عزيز قم وأخرج القمامة.
فقال لها: أنا حاصل على جائزة نوبل؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار