مكانك راوح!
تشعرك بعض الإجراءات والقرارات التي تصدر عن بعض الجهات العامة بوجود انفصام شبه كلي بين الواقع والورق والخطط النظرية الموضوعة, وبأنها بعيدة كل البعد عن هذا الواقع, وتبدو عملية الاستثمار للموارد المتاحة في ظل حرب إرهابية وحصار اقتصادي جائر على البلد أشبه بضرب من الخيال بحيث لا تأخذ في الحسبان المزيد من الأزمات المتفاقمة, بينما القطاع الخاص دائم الشكوى و«النق» ودائم الطلب من الحكومة تسهيلات واستثناءات وإعفاءات وامتيازات تفوق كثيراً النتائج على الأرض وتكاد لا تلمس أي انعكاسات على المواطن أقلها استقرار الأسعار أو حتى انخفاضها بما يمكنه من تأمين أدنى متطلبات عيشه.
والسؤال: أين مربط الفرس في ذلك أقله في موضوع تشجيع الاستثمار, هل المشكلة في القوانين والأنظمة, أم في القائمين على التطبيق ولتصطدم حينها بالروتين وبطء إجراءات المعاملة وتعدد الجهات والمرجعيات بعد أن أصبحت النافذة الواحدة أشبه بهياكل وديكورات تتزين بها مداخل المؤسسات والجهات العامة وانعدام الفائدة من دورها الأساس في توحيد المرجعية وتخفيف العناء عن المستثمر أو حتى صاحب أي معاملة كانت مادام سيراجع الكهرباء والمياه والصناعة والزراعة ووووو..! لاستكمال اجراءات مشروعة الذي قد ينتهي بموظف يضع العقدة أمام المنشار.
بلا مجاملات, نقول: إن الاستثمار يحتاج إلى تشريع ببضع مواد فقط على مبدأ «دعه يعمل» متضمنة إعفاءات وامتيازات واستثناءات من شأنها تشجيع الاستثمار المحلي وخصوصاً في المشروعات الأكثر احتياجاً للبلد والتركيز على مشروعات الطاقة البديلة بالاستفادة من طاقة الرياح والشمس وبما يحد من فاتورة الاستيراد ويوفر بديلاً مستداماً للطاقة بعيداً عن مفاعيل الحصار الاقتصادي لتجاوزه والحد من مشروعات العلكة والبسكويت والصناعات التحويلية التي لا تقدم أي قيمة مضافة, وتشجيع الاستثمار الزراعي والتصنيع الزراعي وعدم التعويل كثيراً على الاستثمار الخارجي باستثناء الدول الصديقة وضبط عمليات الاستثمار بما يوفر البدائل وتأمين احتياجات البلد وعدم المراوحة في المكان وانتظار المجهول من خلال الاستثمار بالوقت وإلا ستبقى الأزمات الخانقة تطاردنا من خبز إلى كهرباء إلى آخره.. وملاحقة المواطن بمطارح ضريبية في كل معاملة بأضعاف مضاعفة كأقصر الطرق لتأمين إيرادات مقابل صفر في الخدمات ولم يبق سوى فرض ضريبة على ما يتنفسه من هواء.