دخل أبو ممدوح الذي يحسبها «على الطاير»، وما إن وصل إلى غرفة الجلوس، أخرج من جيبه ورقة واتجه مباشرةً إلى لوح الملاحظات حيث اعتاد أن يضع قوانينه التي ينبغي على جميع أفراد العائلة الالتزام بها.
لم يستغرب الأبناء والزوجة ذاك التصرُّف، إذ اعتادوا عليه، لكن تملَّكهم الفضول ليعرفوا مضمون تلك الورقة، وبنودها الكثيرة التي بانت ملامحها من النُّقاط الغامقة التي ارتصفت فوق بعضها على طرف «البيان»، وما إن دخل أبو ممدوح ليغير ملابسه استعداداً للغداء، حتى هجم أفراد العائلة لقراءة مضمون الورقة، وتضمنت الآتي:
بما أننا خاضعون لقوانين وزارة الاتصالات وآليتها الجديدة في تزويدنا بخدمة الإنترنت، وسرعة خطّنا هي واحد ميغا على ذمتها، والمسموح لنا استهلاكه هو 50 غيغا فقط لا غير، وإلا ستنخفض السرعة إلى 256 كيلو بايت، وهو ما يعني وفاة الإنترنت فعلياً، ولكون عدد المستخدمين الدائمين للخط هو ستة أشخاص، فضلاً عن بعض الضيوف، لذا تقرر الآتي:
-التقنين في تحميل الأفلام والفيديوهات، والإعلان قبل البدء بتنزيل أي فيديو، كي لا يتكرر تحميل الفيديو ذاته مرتين أو أكثر.
-فتح اليوتيوب عند الضرورة فقط، وضبط الإعدادات على الدِّقات المتوسطة في الحالات الطارئة، والمنخفضة في الحالات العادية.
-الامتناع منعاً باتاً عن لعب الكاندي كراش والبابجي وما شابههما.
-تحديث البرامج يتم عن طريق «ممدوح» شخصياً، ومن جهازه يتم نقلها عبر برنامج المشاركة للجميع.
-إلغاء الصداقات مع جميع من يملأ عُلَب بريدكم بصور وفيديوهات «جمعة مباركة» و«صباحك فيروزي» و«نهاركم قشطة» وما شابهها.
-الخروج الفوري من جميع المجموعات الخاصة بشبكات الأخبار، والمتعلقة بمحلات الأزياء والمكياجات والنوادي الرياضية وغيرها.
-الالتزام الكامل بعدم إعطاء كلمة سر «الواي فاي» لأحد خارج نطاق العائلة، ولاسيما الجارات وأبنائهن القادرين على أن يشبكوا على «راوترنا» العزيز وهم في بيوتهم. انتهى البيان وكل غيغا وأنتم بخير.