قاطرة ولكن!!
في ثمانينيات القرن الماضي وفي إطار العمل الشبيبي أيام دراستي الإعدادية والثانوية أتيح لي العمل في الصيف بموجب عقود عمل موسمية في مختلف شركات القطاع العام والبداية كانت في الشركة العامة لصناعة الغزل والنسيج في دمشق (الدبس) التي كانت تنتج القماش الخام والأقمشة التي كانت تعمل بثلاث ورديات عمل على مدار الساعة مروراً بالعمل بشركة الكابلات التي مازالت عجلاتها تدور وتنتج برغم كل الظروف, كما عملت في معمل دمشق لصناعة الخزف والأواني المنزلية وحينها كنت قد كلفت بتزويد الأفران التي تعمل بدرجة حرارة تفوق 3 آلاف درجة مئوية بمادة ملونة لإنتاج القوارير الزجاجية ومختلف أنواع الكاسات وترفد السوق بكل احتياجاته منها وليتاح لي بعدها العمل في كل أقسام الشركة العامة للزجاج في دمشق والمساهمة في عمرة وصيانة أفران الصهر التي تنتج الألواح الزجاجية بأنواعها المحجر منها والساده التي بقيت أفرانها تعمل على مدى العقود الماضية وترفد السوق بكل مايحتاجه, ولأنتقل بعدها للعمل في الشركة العامة لصنع البسكويت «غراوي» خلال دراستي الجامعية التي كانت تنتج أفخر أنواع البسكويت والشوكولا وتعمل بطاقة إنتاجية كبيرة وآخر رحلة عمل لي كانت في الشركة العامة لصنع السجاد في دمشق التي كانت ومازالت برغم تعرضها للإرهاب وعادت لتنهض من جديد بسواعد عمالها لتنتج السجاد الصوفي برغم كل الظروف التي واجهتها
لست هنا في صدد الاستعراض لمسيرة كفاحي المهنية وإنما المصير الذي آلت إليه شركات القطاع العام الصناعي ولأقول إن معمل الخزف والأواني المنزلية توقف عن العمل قبل الأزمة على أيدي إداراته المتعاقبة خسارة وتخسيراً وإن معمل الزجاج متوقف عن العمل منذ سنوات رغم الحاجة الماسة لإنتاجه وإن شركة بسكويت غراوي متوقفة منذ ماقبل الأزمة بكثير نتيجة خساراتها على أيدي إداراتها السابقة, بينما شركة الدبس تئن تحت وطأة المخازين والخسائر المتعاقبة ونحن اليوم بأمس الحاجة لهذه الشركات الخاوية التي تصفِّر في جنباتها مخازين وخسائر تحول دون انطلاقتها وإدارات عاجزة عن الابتكار في ظل نقص الموارد المالية وقطع التبديل, فهل نشهد مع مرحلة إعادة الإعمار دوراً مهماً لها وتكون بذلك قاطرة التنمية أم إنها ستبقى تدفع رواتب عمالها من خزينة الدولة؟…. والله من وراء القصد