نَيْلُ المطالب!…

لا يمكن لأي مواطن حِساب أَجره بالأرقام التي يقبضها، بل بالقدرة على ترجمة هذه الأرقام إلى سلع يحتاجها.. وأنا أعني السلع الضرورية لاستمرار حياته، وحياة عائلته.. فما بالك بالحاجات التي فرضتها الحضارة علينا.. كالكهرباء، أو الماء، أو التلفزيون، أو الهاتف الثابت، أو المحمول، أو المواصلات، أو جرة الغاز المفقودة، أو الغسالة الكهربائية، أو البراد، أو المروحة… ناهيك بالحالات الملحة، كمصاريف مدارس الأولاد، أو الحالات الصحية الطارئة.. لتشمل ارتفاع أسعار السكر والشاي والزيوت والسمن، المهدرج منها وغير المهدرج… وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء.. والبيضاء.. وبيض الدجاج، والأجبان، والألبان، والزيتون، وزيت الزيتون، والزعتر.. والقائمة تطول…
وأعرف، وتعرفون، أن كثيرين من أصحاب الدخل «المهدود» يدارون أيامهم بحِيل لم تعد مبتكرة.. كأن يعمل أستاذ لغة عربية سائق «تاكسي».. ولكن على خجل، وبعيداً عن مناطق سكناه، وسكن طلابه… وأعرف أحد الأساتذة من هؤلاء، كان يمتاز بصلعة تمتد حتى فوديه، وكان يتخفى بـ (باروكة) شعر كي لا يُعرف.. ومن باب المصادفة أن أحد طلابه ركب معه.. وقال له بصريح العبارة: لقد عرفتك يا أستاذ رغم محاولتك للتنكر.. ونصيحتي أن تزورنا في البيت.. فأبي مفتش حسابات مالية «نظيف».. لكنه يصنع (باروكات) شعر مستعار غاية في الدقة، ويبيعها لترقيع دخله (الهفتان)، وتغطية مصروف مدارس أبنائه، وأدوية والده!.. متبعاً قول الشاعر أحمد شوقي، طيب الله ثراه:
«وما نيل المطالب بالتمني… ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا..
وما استعصى على قومٍ منالٌ… إذا الإقدامُ كان لهُمُ ركابا»..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار