نيات ضريبية

بعد تكليف إدارة جديدة لها، تمر الهيئة العامة للضرائب والرسوم بمرحلة عمل يبدو أنها لا تبشر بتغيير استثنائي مختلف ومقنع، فعقد الاجتماعات «المكوكية» كعرف لدى الإدارات المتعاقبة أصبح مستهلكاً وغير مجدٍّ، وسابقات الأيام خير دليل على حاضرها.
إن نظامنا الضريبي «ارتقى» إلى مستوى من التهالك لم تعد ينفع معه اجتماعات ولا توجيهات ولا إرشادات ونصائح، فكم اجتماعاً, ذهبت نتائجه أدراج الرياح وتناثرت في هذا «الدرج» وذاك، والنتيجة خمس سنوات من الاحتضار مضت، ومازلنا نعيد الكرة نفسها من دون أن نتعلم من دروس الماضي.
اليوم تجري الاجتماعات على قدم وساق، ولا ندري ما ستؤول إليه النتائج، ونحن نعلم أن هناك نيات لتنشيط عمل الهيئة حتى تتحول إلى كيان فاعل، ولكن هل هذه النيات تتحقق باجتماعات النصح والإرشاد ما لم تخلص إلى اعتماد آليات تنفيذية وليست نظرية..؟
دعونا نعد إلى بعض الملفات الضريبية التي كانت عالقة لسنوات عديدة برغم وجود النيات لحلها، ومنها ملف التراكم الضريبي الذي عقدت من أجله عشرات الاجتماعات ووضعت له العديد من الخطط، ولكنه لم يعرف طريقه إلى الحل إلا بعد إشهار العصا بوجه العاصين وتشكيل لجنة تفتيشية هذا الخصوص، ويعود البعض ليحدثنا بالنوايا الجادة، ويقول لنا: إن فلاناً لديه الرغبة والاندفاع للعمل وتحقيق ما لم يستطع سلفه تحقيقه، «وهلمّ جرا»…
لن نشكك في نيات أحد، ولكننا نريد أن نُذكر أهل الاختصاص بأن الضريبة في جميع دول العالم وُجدت كأداة لتحسين حياة الناس، أما في حالتنا فيبدو وكأن النظام الضريبي وُجد من أجل إثراء البعض على حساب المنفعة العامة، ولاسيما بوجود جهاز استعلام ضريبي ربما يرتبط الكثيرون من عناصره بعلاقات طيبة مع كبار المكلفين.
وبمناسبة الحديث عن النيات الطيبة، نحن نعلم أن قراراً اتخذ منذ سنتين تقريباً لتعديل النظام الضريبي، بل شُكلت لجنة أنيطت بها هذه المهمة، ومنذ ذلك الحين ونحن ننتظر النتائج، ولكن يبدو أننا سننتظر طويلاً، أو ربما تُشهر العصا مرة أخرى.
اليوم, تنتظر الهيئةَ مسؤوليات كبيرة ومهام جسام، أولها أن تعود إلى سابق عهدها وتتحول إلى كيان ضريبي فاعل بعد خمس سنوات كانت فيها ديواناً لتسجيل البريد الصادر والوارد فقط، وإن لم يكن كذلك فلتلغَ وتُحول إلى هيئة تشريعية أو مديرية للتشريع الضريبي تلحق بوزارة المالية، وكأنني أرى الحل الثاني حلاً مجدياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار