غزة ولبنان على طاولة قمة عربية – إسلامية غير عادية.. هل حان الوقت للانتقال من مناخ أميركي إلى مناخ عربي إقليمي ؟
تشرين-هبا علي أحمد:
أيام حافلة بمستجدات وتوقعات ومؤشرات مؤثرة تشهدها المنطقة، لاسيما في هذين اليومين، وجملة التطورات المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، قمّة عربية- إسلامية مشتركة غير عادية في السعودية، وفي مقدمة أولوياتها بحث وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان.. لقاء إيراني- عراقي في طهران، سبقه أمس الأحد، لقاء إيراني- سعودي في طهران تبعه اتصال هاتفي بين الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالتوازي مع عدوان أميركي- بريطاني استهدف اليمن اليوم، وقبله إسرائيلي استهدف سورية أمس.
تأتي هذه التطورات بالتوازي مع بدء مرحلة أميركية جديدة بعد الانتخابات الرئاسية وفوز الجمهوري دونالد ترامب الذي يبدو أنه يتحرك سريعاً من دون أن تتضح بعد نتائج هذا التحرك بل يمكن استنتاجها من المجريات على الأرض ومن الاتفاقات المطروحة أو التي ستطرح لاحقاً.. بالتوازي أيضاً عادت رائحة التسوية ووقف إطلاق نار مؤقت في لبنان وكثرت التسريبات حول ذلك على نحوٍ خاص في الإعلامين الأميركي والإسرائيلي، مع ما يُشاع عن جولة جديدة في المنطقة سيقوم بها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين للدفع باتجاه اتفاق هدنة مؤقّت تليه مفاوضات. في المقابل ينفي مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله كل ما يُشاع بالقول: حتى الآن لم يرد لبنان أي جديد وما زلنا في مرحلة جس النبض وما نسمعه محصور بوسائل الإعلام والصحافة، مُضيفاً: ثمة اتصالات دولية سمعنا عنها في وسائل الإعلام، لكن لبنان لم تصله أي اقتراحات محددة.
أيام حافلة بمستجدات وتوقعات ومؤشرات مؤثرة تشهدها المنطقة متزامنة مع قمّة عربية- إسلامية مشتركة لبحث وقف العدوان على غزة ولبنان
أما في غزة، فيُشيع الإسرائيلي المزاعم ذاتها بأن «حماس تُعرقل إلى الآن وقف إطلاق النار».. إذاً هنا يأتي الاستنتاج والحكم سريعاً أن لا وقف قريباً لإطلاق النار لا في غزة ولا في لبنان، بل مجرد حراك يزداد تعثراً واستثماراً للوقت إلى متى وكيف النهاية – لنكن واقعيين- لا أحد يدري أو يملك الإجابة الواضحة؟.. وما يدلل على الاستنتاج السابق الذكر ما ذكرته وسائل إعلام العدو حول تصديق رئيس أركان الاحتلال على توسيع العملية البرية جنوب لبنان.. فإذاً نتيجة التحركات الأميركية الجديدة مكشوفة ومعروفة للجميع.
مقدماتنا ومقدماتهم
وعلى اعتبار أن كل المقدمات الأميركية ومن خلفها الإسرائيلية قادت إلى صفر نتائج في معادلة وقف العدوان.. فالسؤال الأهم ماذا عن مقدماتنا وعلى نحوٍ خاص مع انطلاق القمّة العربية-الإسلامية؟
هذا السؤال تكرر مراراً ومع كل قمّة عربية لكن من دون إجابات ومن دون تعليق الآمال.. واليوم لنكن واقعيين ولنخفض سقف التوقعات من القمّة القائمة، لكنها في الواقع مُطالبة بالإجابة عن سؤال الضرورة ماذا عن مقدماتنا؟ وبماذا سنخرج؟ وإلى متى سنكتفي بالإدانات والبيانات؟
ما قُلناه سابقاً نعيد طرحه اليوم ونتركه بيد من يهمه الأمر، ومن يعنيه النهوض بأمة عربية حقيقية تستعيد دورها ومكانتها في نُصرة قضايانا العادلة والمُحقة.. اليوم ليس مطلوباً أن ندين ونستنكر في ظل الشراسة الإسرائيلية.. المطلوب الخروج بصيغ وتفاهمات واتفاقيات سريعة وجاهزة للتنفيذ على أرض الواقع تلجم الكيان وتضع حداً للغطرسة الأميركية- الإسرائيلية وحرب الإبادة التي تُشن على غزة ولبنان وتضع إنجازات المُقاومة نصب أعينها.
وعلى اعتبار أن المناخ السياسي السابق كان مناخاً أميركياً، يجب الانتقال في هذه المرحلة ليكون المناخ مناخاً سياسياً عربياً إقليمياً معنياً بقضايانا، من هذا المنطلق وبحثاً عن المناخ المذكور، تتوجه الأنظار إلى الزيارات التي شهدتها إيران أمس واليوم، خاصة أنها تأتي على مستوى أمني- دفاعي.. صحيح أنه لا يُمكن الحكم بعد على الزيارتين السعودية والعراقية إلى طهران أمس واليوم، من حيث المقدمات والنتائج، وكيف يُمكن ترجمتها على أرض الواقع لاسيما الزيارة السعودية إلى طهران، ولكن لا يُمكن تجاهلها أو وضعها على الهامش أو اعتبارها ضمن إطار الزيارات الروتينية لا سيما بعد المصالحة بين الطرفين برعاية صينية.
جولة جديدة لهوكشتاين للدفع باتجاه اتفاق هدنة مؤقّت تليه مفاوضات لكن حتى الآن لم يَرِد إلى لبنان أي اقتراحات محددة
هذه الزيارة تأتي بعد حديث تداولته وسائل إعلام إيرانية الشهر الماضي مفاده أن السعودية اقترحت على إيران إجراء مناورات بحرية مشتركة في البحر الأحمر، وقد نقلت وسائل الإعلام الإيرانية هذا الخبر على لسان قائد القوة البحرية الإيرانية النظامية، الأدميرال شهرام إيراني، الذي قال نصاً: «اقترحت السعودية إجراء مناورة مشتركة في البحر الأحمر، ووجّه كلا البلدين دعوة لبعضهما بعضاً للوجود في موانئ كلّ منهما، وقد شملت المقترحات السعودية إجراء تدريب ثنائي إضافة إلى تدريبات بمشاركة دول أخرى».. وبناء على هذه المعلومات تحدّث أحد المحللين حينها قائلاً: يبدو أن المقاربة الحالية بين الرياض وطهران ترتبط بشكل أساسي بالتطورات الحالية في المنطقة، ورغبة كليهما في الخروج من الأوضاع القائمة، من دون الاشتباك المباشر أو خسارة التقدّم «الضئيل» الذي طرأ على العلاقات بينهما.
هل يعني كل ما سبق أن مناخاً سياسياً عربياً إقليمياً في طور التشكل الحقيقي..؟ وهل يعني أن هذا المناخ سيكون قادراً على قلب الطاولة بالتوازي مع المقاومة في لبنان وغزة والعراق واليمن التي قلبت الطاولة منذ أكثر من عام على العالم الأمثيركي- الإسرائيلي؟
لن نقدم إجابات وتحليلات وبناء سيناريوهات وصرف سيل من الآمال، لأن في كل المراحل والمحطات تكون العبرة بالتنفيذ والنتائج على الأرض، ونحن اليوم بانتظار الثمار السياسية العربية الإقليمية على اعتبار أن الثمار في الميدان المقاوم تؤتي أكلها كل يوم وعلى مدار اليوم، والكرة في الملعب السياسي العربي، خصوصاً أنه سبق وتحدثنا أنه ربما نكون أمام آخر الحروب، فنحن في الوقت ذاته أمام آخر الفرص للتوحد والتكاتف وترجمتهما.
ثمار المقاومة
ثمار ميدان المقاومة باتت من الوضوح لدرجة أنه حتى الحديث عنها لا يُعطيها حقها، لكن تسليط الضوء عليها يومياً يأتي من باب المسؤولية والواجب الأخلاقي والعربي والقومي، حيث أقرّت منصة إعلامية إسرائيلية بأن مسيّرة أطلقها حزب الله انفجرت في مدخل المنطقة الصناعية «أخزيف» قرب مستوطنة «ليمان» في الجليل الغربي، وكشفت أن صفارات الإنذار لم تفعّل مع مرور المسيّرة في أجواء المنطقة.
على اعتبار أن المناخ السياسي السابق كان مناخاً أميركياً يجب الانتقال في هذه المرحلة ليكون المناخ مناخاً سياسياً عربياً إقليمياً معنياً بقضايانا
بدوره، أعلن حزب الله استهداف تجمع لقوات الاحتلال عند الأطراف الشرقية لبلدة مارون الراس الحدودية بصلية صاروخية، وبعد نصف ساعة استهدف الحزب الله تجمعاً آخر في موقع «العبّاد» بصلية من الصواريخ أيضاً، إضافة إلى استهداف قاعدة تدريب للواء المظليين في مستوطنة «كرمئيل» بصليةٍ صاروخية كبيرة، أدت إلى 6 إصابات.
أما في إطار التحذير الذي وجّهه حزب الله إلى عدد من مستوطنات الشمال، فقد استهدف «معالوت ترشيحا» بصلية صاروخية، وأعلن الإعلام الحربي في الحزب أيضاً عن عملية نفّذها مساء أمس الأحد، وقصف فيها مدينة صفد المحتلة بالصواريخ.
في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام العدو أن صفارات الإنذار دوّت في مستوطنات «ايفن مناحم» و«نطوعة» و«أفيفيم» و«شومرة» و«فسوطة» في الجليل.
أما ثمار المقاومة اليمنية رغم العدوان الأميركي – البريطاني الذي استهدف اليمن اليوم، فأعلنت القوات المسلحة اليمنية اليوم عن تنفيذ عملية عسكرية نوعية، في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد، استهدفت فيها قاعدة «ناحال سوريك» العسكرية، جنوب شرق يافا في فلسطين المحتلة، عبر صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» حقق هدفه بدقة.
وفي الثمار العراقية، أعلنت المقاومة العراقية عن تنفيذها عدداً من العمليات النوعية ضد أهداف إسرائيلية حيوية وعسكرية، في فلسطين المحتلة، عبر الطيران المُسيّر.